وقوله - سبحانه - : { لِّيَسْأَلَ الصادقين عَن صِدْقِهِمْ } متعلق بقوله : { أَخَذْنَا } ، أو بمحذوف . والمراد بالصادقين : الأنبياء الذين أخذ الله عليهم الميثاق .
أى : فعل - سبحانه - : ذلك ليسأل يوم القيامة أنبياءه عن كلامهم الصادق الذى قالوه لأقوامهم ، وعن موقف هؤلاء الأقوام منهم .
والحكمة من هذا السؤال تشريف هؤلاء السرل وتكريمهم ، وتوبيخ المكذبين لهم فيما جاءوهم به من كلام صادق ومن إرشاد حكيم .
وقوله - سبحانه - : { وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً } معطوف على ما دل عليه قوله ، ليسأل الصادقين .
أى : أثاب - عز وجل - الأنبياء الكرام بسبب صدقهم فى تبليغ رسالته وأعد للكافرين الذين أعرضوا عن دعوة أنبيائهم عذابا أليما ، بسب هذا الإِعراض .
وهكذا جمعت الآية الكريمة بين ما أعده - سبحانه - من ثواب عظيم للصادقين . ومن عذاب أليم للكافرين .
( ليسأل الصادقين عن صدقهم ) . . والصادقون هم المؤمنون . فهم الذين قالوا كلمة الصدق ، واعتنقوا عقيدة الصدق . ومن سواهم كاذب ، لأنه يعتقد بالباطل ويقول كلمة الباطل . ومن ثم كان لهذا الوصف دلالته وإيحاؤه . وسؤالهم عن صدقهم يوم القيامة كما يسأل المعلم التلميذ النجيب الناجح عن إجابته التي استحق بها النجاح والتفوق ، أمام المدعوين لحفل النتائج ! سؤال للتكريم ، وللإعلان والإعلام على رؤوس الأشهاد ، وبيان الاستحقاق ، والثناء على المستحقين للتكريم في يوم الحشر العظيم !
فأما غير الصادقين . الذين دانوا بعقيدة الباطل ، وقالوا كلمة الكذب في أكبر قضية يقال فيها الصدق أو يقال فيها الكذب . قضية العقيدة . فأما هؤلاء فلهم جزاء آخر حاضر مهيأ ، يقف لهم في الانتظار : ( وأعد للكافرين عذابا أليما ) . .
وقوله : { لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ } ، قال مجاهد : المبلغين المؤدين عن الرسل .
وقوله : { وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ } أي : من أممهم { عَذَابًا أَلِيمًا } أي : موجعا ، فنحن نشهد أن الرسل قد بَلَّغُوا رسالات ربهم ، ونصحوا الأمم وأفصحوا لهم عن الحق المبين ، الواضح الجلي ، الذي لا لبس فيه ، ولا شك ، ولا امتراء ، وإن كذبهم مَنْ كذبهم من الجهلة والمعاندين والمارقين والقاسطين ، فما جاءت به الرسل هو الحق ، ومَنْ خالفهم فهو على الضلال .
القول في تأويل قوله تعالى : { لّيَسْأَلَ الصّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً } .
يقول تعالى ذكره : أخذنا من هؤلاء الأنبياء ميثاقهم كيما أسأل المرسلين عما أجابتهم به أممهم ، وما فعل قومهم فيما أبلغوهم عن ربهم من الرسالة . وبنحو قولنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن مجاهد لِيَسْأَلَ الصّادقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ قال : المبلغين المؤدّين من الرسل .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد لِيَسْألَ الصّادقِينَ عَنْ صدْقِهِمْ قال : المبلغين المؤدّين من الرسل .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أُسامة ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد لِيَسْأَلَ الصّادقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ قال : الرسل المؤدّين المبلغين .
وقوله : وأعَدّ للكافِرِينَ عَذَابا ألِيما يقول : وأعدّ للكافرين بالله من الأمم عذابا موجعا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.