المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ يَٰبُنَيَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡيَاكَ عَلَىٰٓ إِخۡوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (5)

5- قال أبوه : يا بُني ، لا تَحْك لإخوتك هذه الرؤيا ، فإنها تثير في نفوسهم الحسد ، فيغريهم الشيطان بتدبير الحيل ضدك . يحتالون للكيد لك ويمكرون بك ، إن الشيطان للإنسان عدو ظاهر العداوة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ يَٰبُنَيَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡيَاكَ عَلَىٰٓ إِخۡوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (5)

ولما بان تعبيرها ليوسف ، قال له أبوه : { يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ْ } أي : حسدا من عند أنفسهم ، أن تكون أنت الرئيس الشريف عليهم .

{ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ْ } لا يفتر عنه ليلا ولا نهارا ، ولا سرا ولا جهارا ، فالبعد عن الأسباب التي يتسلط بها على العبد أولى ، فامتثل يوسف أمر أبيه ، ولم يخبر إخوته بذلك ، بل كتمها عنهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ يَٰبُنَيَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡيَاكَ عَلَىٰٓ إِخۡوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (5)

ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما قاله يعقوب لابنه يوسف بعد أن قص عليه رؤياه فقال : { قَالَ يابني لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ على إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشيطان لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } .

وقوله { يابني } تصغير ابن . والتصغير هنا سببه صغر سنه مع الشفقة عليه ، والتلطيف معه .

وقوله { رُؤْيَاكَ } من الرؤيا التي هي مصدر رأى العلمية الدالة على ما وقع للإِنسان في نومه ، أما رأى البصرية فيقال في مصدرها الرؤية .

وقوله " فيكيدوا لك . . " من الكيد وهو الاحتيال الخفى بقصد الإِضرار والفعل كاد يتعدى بنفسه ، فيقال : كاده يكيده كيدا ، إذا احتال لإِهلاكه . ولتضمنه معنى احتال عدى باللام .

والمعنى : قال يعقوب لابنه يوسف - عليهما السلام - بشفقة ورحمة ، بعد أن سمع منه ما رآه في منامه : " يا بنى " لا تخبر إخوتك بما رأيته في منامك فإنك إن أخبرتهم بذلك احتالوا لإِهلاكك احتيالا خفيا ، لا قدرة لك على مقاومته أو دفعه . .

وإنما قال له ذلك ، لأن هذه الرؤيا تدل على أن الله - تعالى - سيعطى يوسف من فضله عطاء عظيما . ويهبه منصبا جليلا ، ومن شأن صاحب النعمة أن يكون محسودا من كثير من الناس ، فخاف يعقوب من حسد إخوة يوسف له ، إذا ما قص عليهم رؤياه ، ومن عدوانهم عليه .

والتنوين في قوله " كيدا " للتعظيم والتهويل ، زيادة في تحذيره من قص الرؤيا عليهم .

وجملة " إن الشيطان للإِنسان عدو مبين " واقعة موقع التعليل للنهى عن قص الرؤيا على إخوته ، وفيها إشارة إلى أن الشيطان هو الذي يغريهم بالكيد له إذا ما قص عليهم ما رآه ، وهو بذلك لا يثير في نفسه الكراهة لإِخوته .

أى : لا تخبر إخوتك بما رأيته في منامك ، فيحتالوا للإِضرار بك حسدا منهم لك ، وهذا الحسد يغرسه الشيطان في نفوس الناس ، لتتولد بينهم العداوة والبغضاء ، فيفرح هو بذلك ، إذ كل قبيح يقوله أو يفعله الناس يفرح له الشيطان .

هذا ، وقد أخذ العلماء من هذه الآية أحكاما منها :

أنه يجوز للإنسان في بعض الأوقات أن يخفى بعض النعم التي أنعم الله بها عليه ، خشية حسد الحاسدين ، أو عدوان المعتدين .

وأن الرؤيا الصادقة حالة يكرم الله بها بعض عباده الذني زكت نفوسهم فيكشف لهم عما يريد أن يطلعهم عليه قبل وقوعه . ومن الأحاديث التي وردت في فضل الرؤيا الصالحة ما رواه البخارى عن عائشة - رضى الله عنها - أنها قالت : " أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحى الرؤيا الصادقة ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح . . " .

وفى حديث آخر : " الرؤيا الصالحة من الرجل الصالح ، جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة " .

وفى حديث ثالث : " لم يبق من النبوة إلا المبشرات ، وهى الرؤيا الصالحة للرجل الصالح ، يراها أو ترى له " .

كذلك أخذ جمهور العلماء من هذه الآية أن إخوة يوسف لم يكونوا أنبياء .

قال الآلوسى عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه : " والظاهر أن القوم - أى إخوة يوسف - كانوا بحيث يمكن أن يكون للشيطان عليهم سبيل ، ويؤيد هذا أنهم لم يكونوا أنبياء .

وهذا ما عليه الأكثرون سلفا وخلفا . أما السلف فإنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه قال بنبوتهم .

وأما الخلف فكثير منهم نفى عنهم أن يكونوا أنبياء ، وعلى رأى من قال بذلك الإِمام ابن تيمية ، في مؤلف له خاص بهذه المسألة ، وقد قال فيه :

الذى يدل عليه القرآن واللغة والاعتبار ، أن إخوة يوسف ليسوا بأنبياء ، وليس في القرآن ولا في السنة ما يشير إلى أنهم كانوا أنبياء . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ يَٰبُنَيَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡيَاكَ عَلَىٰٓ إِخۡوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (5)

لهذا أدرك أبوه يعقوب بحسه وبصيرته أن وراء هذه الرؤيا شأنا عظيما لهذا الغلام . لم يفصح هو عنه ، ولم يفصح عنه سياق القصة كذلك . ولا تظهر بوادره إلا بعد حلقتين منها . أما تمامه فلا يظهر إلا في نهاية القصة بعد انكشاف الغيب المحجوب . ولهذا نصحه بألا يقص رؤياه على إخوته ، خشية أن يستشعروا ما وراءها لأخيهم الصغير - غير الشقيق - فيجد الشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم ، فتمتليء نفوسهم بالحقد ، فيدبروا له أمرا يسوؤه :

( قال : يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ) . .

ثم علل هذا بقوله :

( إن الشيطان للإنسان عدو مبين ) . .

ومن ثم فهو يوغر صدور الناس بعضهم على بعض ، ويزين لهم الخطيئة والشر .