معاني القرآن للفراء - الفراء  
{قَالَ يَٰبُنَيَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡيَاكَ عَلَىٰٓ إِخۡوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (5)

[ قوله ] : ( يَا بُنىَّ ) ، و ( يا بُنىِّ ) ، لغتان ، كقولك : يا أَبَتَ ويا أَبَتِ ؛ لأن مَن نصب أراد النُّدبةَ : يا أبتاه فحذفها .

وإذا تركت الهمزة من ( الرُؤْيا ) ، قالوا : الرُّويَا ، طلبا للهمزة . وإذا كان من شأنهم تحويل الهمزة ، قالوا : لا تقصص رُيّاك في الكلام ، فأما في القرآن ، فلا يجوز ، لمخالفة الكتاب . أنشدني أبو الجرَّاح :

لعِرض من الأعراض يُمسى حَمامُه *** ويُضحى على أفنانِهِ العين يَهتِفُ

أحبّ إلى قلبي من الديك رُيَّة *** وبابٍ إذا ما مال للغلق يَصرِف

أراد : رُؤْية ، فلما ترك الهمز وجاءت واو ساكنة بعدها ياء تحولتا ياء مشدّدة ، كما يقال : لويته ليَّا ، وكويته كيّا ، والأصل كَوْيا ولَوْيا . وإن أشرت إلى الضمّة قلت : ريّا ، فرفعت الراء ، فجائز .

وتكون هذه الضمّة مثل قوله : ( وحِيلَ ) ، ( وسيق ) . وزَعَمَ الكسائي أنه سمع أعرابيّاً يقول : ( إِن كُنْتُم للرِّيَّا تَعْبُرُون ) .