فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ يَٰبُنَيَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡيَاكَ عَلَىٰٓ إِخۡوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (5)

{ قَالَ يَا بَنِى لاَ تَقْصُصْ رُءيَاكَ على إِخْوَتِكَ } الرؤيا مصدر رأى في المنام ، رؤيا على وزن فعلى ، كالسقيا والبشرى وألفه للتأنيث ولذلك لم يصرف . نهى يعقوب عليه السلام ابنه يوسف عن أن يقصّ رؤياه على إخوته ؛ لأنه قد علم تأويلها وخاف أن يقصها على إخوته فيفهمون تأويلها ويحصل منهم الحسد له ، ولهذا قال : { فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا } وهذا جواب النهي وهو منصوب بإضمار أن ، أي : فيفعلوا لك ، أي : لأجلك كيداً مثبتاً راسخاً لا تقدر على الخلوص منه ، أو كيداً خفياً عن فهمك . وهذا المعنى الحاصل بزيادة اللام آكد من أن يقال : فيكيدوا كيداً ؛ وقيل : إنما جيء باللام لتضمينه معنى الاحتيال المتعدى باللام ، فيفيد هذا التضمين معنى الفعلين جميعاً ، الكيد والاحتيال ، كما هو القاعدة في التضمين أن يقدر أحدهما أصلاً والآخر حالاً ، وجملة : { إِنَّ الشيطان للإنسان عَدُوٌّ مُّبِينٌ } مستأنفة ، كأن يوسف عليه السلام قال : كيف يقع منهم ؟ فنبهه بأن الشيطان يحملهم على ذلك ؛ لأنه عدو للإنسان مظهر للعداوة ، مجاهر بها .

/خ6