المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

9- وعلى اللَّه بمقتضى فضله ورحمته أن يُبيِّن لكم الطريق المستقيم الذي يوصلكم إلى الخير ومن الطريق ما هو مائل منحرف لا يوصل إلى الحق ، ولو شاء هدايتكم جميعا لهداكم وحملكم على الطريق المستقيم ، ولكنه خلق لكم عقولا تدرك ، وإرادة توجه . وترككم لاختياركم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

ولما ذكر تعالى الطريق الحسي ، وأن الله قد جعل للعباد ما يقطعونه به من الإبل وغيرها ذكر الطريق المعنوي الموصل إليه فقال : { وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ } أي : الصراط المستقيم ، الذي هو أقرب الطرق وأخصرها موصل إلى الله .

وأما الطريق الجائر في عقائده وأعماله وهو : كل ما خالف الصراط المستقيم فهو قاطع عن الله ، موصل إلى دار الشقاء ، فسلك المهتدون الصراط المستقيم بإذن ربهم ، وضل الغاوون عنه ، وسلكوا الطرق الجائرة { وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } ولكنه هدى بعضا كرما وفضلا ، ولم يهد آخرين ، حكمة منه وعدلا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

أتبع ذلك ببيان أنه - عز وجل - كفيل بالإِرشاد إلى الطريق المستقيم لمن يتجه إليه فقال - تعالى - : { وعلى الله قَصْدُ السبيل ، وَمِنْهَا جَآئِرٌ ، وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } .

والقصد : الاستقامة . والسبيل : الطريق والقصد منه : هو المستقيم الذى لا اعوجاج فيه . يقال : سبيل قصد وقاصد ، أى : مستقيم ، قال الشاعر :

ومن الطريقة جائر وهدى . . . قصد السبيل ، ومنه ذو دخل

قال الجمل ما ملخصه : " { وعلى الله } أى : تفضلا { قصد السبيل } على تقدير مضاف ، أى : وعلى الله بيان قصد السبيل . وهو بيان طريق الهدى من الضلالة ، وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف ، والقصد مصدر يوصف به . يقال : سبيل قصد وقاصد أى : مستقيم ، كأنه يقصد الوجه الذى يؤمه السالك لا يعدل عنه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَعَلَىَ اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وعلى الله أيها الناس بيان طريق الحقّ لكم ، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فإنما يضلّ عليها . والسبيل : هي الطريق ، والقصد من الطريق : المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ، كما قال الراجز :

*** فصَدّ عَنْ نَهْجِ الطّرِيقِ القاصِدِ ***

وقوله : وَمِنْها جائِرٌ يعني تعالى ذكره : ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوّج ، فالقاصد من السبل : الإسلام ، والجائر منها : اليهودية والنصرانية وغير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء السبيل وقصدها ، سوى الحنيفية المسلمة . وقيل : ومنها جائر ، لأن السبيل يؤنث ويذكر ، فأنثت في هذا الموضع . وقد كان بعضهم يقول : وإنما قيل : «ومنها » لأن السبيل وإن كان لفظها لفظ واحد فمعناها الجمع .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : أخبرنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَعلى اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ يقول : البيان .

حدثنا محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَعلى اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ يقول : على الله البيان ، أن يبين الهدى والضلالة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن . قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَعلى اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ قال : طريق الحقّ على الله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثل .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : وَعلى اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ يقول : على الله البيان ، بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَعلى اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ قال : السبيل : طريق الهدى .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك : وَعلى اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ قال إنارتها .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَعلى اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ يقول : على الله البيان ، يبين الهدى من الضلالة ، ويبين السبيل التي تفرّقت عن سبله ، ومنها جائر .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَمِنْها جائِرٌ : أي من السبل ، سبل الشيطان . وفي قراءة عبد الله بن مسعود : «وَمِنْكُمْ جائِرٌ وَلَوْ شَاءَ اللّهُ لَهَدَاكُمْ أجمَعِينَ » .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وَمِنْها جائِرٌ قال : في حرف ابن مسعود : «وَمِنْكُمْ جائِرٌ » .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : وَمِنْها جائِرٌ يعني السبل المتفرّقة .

حدثني عليّ بن داود ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : وَمِنْها جائِرٌ يقول : الأهواء المختلفة .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَمِنْها جائِرٌ يعني السبل التي تفرّقت عن سبيله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : وَمِنْها جائِرٌ السبل المتفرقة عن سبيله .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَمِنْها جائِرٌ قال : من السبل جائر عن الحقّ قال : قال الله : وَلا تَتّبِعُوا السّبْلَ فَتَفَرّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ .

وقوله : وَلَوْ شاءَ لَهَدَاكُمْ أجْمَعِينَ يقول : ولو شاء الله للطف بجميعكم أيها الناس بتوفيقه ، فكنتم تهتدون وتلزمون قصد السبيل ولا تجورون عنه فتتفرّقون في سبل عن الحقّ جائرة . كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلَوْ شَاءَ لَهَداكُمْ أجْمَعِينَ قال : لو شاء لهداكم أجمعين لقصد السبيل الذي هو الحقّ . وقرأ : وَلَوْ شاءَ رَبّكَ لاَمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلّهُمْ جَمِيعا . . . الاَية ، وقرأ : وَلَوْ شِئْنَا لاَتَيْنا كُلّ نَفْسٍ هُدَاها . . . الاَية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

{ وعلى الله قصد السبيل } بيان مستقبل الطريق الموصل إلى الحق ، أو إقامة السبيل وتعديلها رحمة وفضلا ، أو عليه قصد السبيل يصل إليه من يسلكه لا محالة يقال سبيل قصد وقاصد أي مستقيم ، كأنه يقصد الوجه الذي يقصده السالك لا يميل عنه ، والمراد من { السبيل } الجنس ولذلك أضاف إليه ال { قصد } وقال : { ومنها جائز } حائد عن القصد أو عن الله ، وتغيير الأسلوب لأنه ليس بحق على الله تعالى أن يبين طرق الضلالة ، أو لأن المقصود بيان سبيله وتقسيم السبيل إلى القصد والجائر إنما جاء بالعرض . وقرئ و " منكم جائر " أي عن القصد . { ولو شاء } الله { لهداكم أجمعين } أي ولو شاء هدايتكم أجمعين لهداكم إلى قصد السبيل هداية مستلزمة للاهتداء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

وقوله { وعلى الله قصد السبيل } الآية ، هذا أيضاً من أجل نعم الله تعالى ، أي على الله تقويم طريق الهدى وتبيينه ، وذلك بنصب الأدلة وبعث الرسل ، وإلى هذا ذهب المتأولون ، ويحتمل أن يكون المعنى : إن من سلك السبيل القاصد فعلى الله رحمته ونعيمه وطريقه ، وإلى ذلك مصيره ، فيكون هذا مثل قوله تعالى :{ هذا صراط علي مستقيم } [ الحجر : 41 ] وضد قول النبي صلى الله عليه وسلم «والشر ليس إليك » أي لا يفضي إلى رحمتك ، وطريق قاصد معناه بين مستقيم ، ومنه قول الآخر :

فصد عن نهج الطريق القاصد{[7257]} . . . والألف واللام في { السبيل } للعهد ، وهي سبيل الشرع ، وليست للجنس ، ولو كانت للجنس لم يكن فيها جائر ، وقوله { ومنها جائر } يريد طريق اليهود والنصارى وغيرهم كعبدة الأصنام ، والضمير في { منها } يعود على { السبيل } التي تضمنها معنى الآية ، كأنه قال : ومن السبيل جائر ، فأعاد عليها وإن كان لم يجر له ذكر لتضمن لفظة { السبيل } بالمعنى لها ، ويحتمل أن يعود الضمير في { منها } على سبيل الشرع المذكورة وتكون «من » للتبعيض ويكون المراد فرق الضلالة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، كأنه قال :«ومن بنيات الطرف في هذه السبيل ومن شعبها جائر » ، وقوله { ولو شاء لهداكم أجمعين } معناه لخلق الهداية في قلوب جميعكم ولم يضل أحد ، وقال الزجاج معناه لو شاء لعرض عليكم آية تضطركم إلى الإيمان والاهتداء .

قال القاضي أبو محمد : وهذا قول سوء لأهل البدع الذين يرون أن الله لا يخلق أفعال العباد لم يحصله الزجاج ، ووقع فيه رحمه الله عن غير قصد{[7258]} ، وفي مصحف عبد الله بن مسعود «ومنكم جائر » ، وقرأ علي بن أبي طالب «فعنكم جائر » ، و { السبيل } تذكر وتؤنث .


[7257]:النهج: الطريق المستقيم، ونهج الطريق: وضحه، وطريق نهج: واضح بين، والطريق القاصد: السهل المستقيم، و {على الله قصد السبيل}:أي: على الله تبيين الطريق المستقيم، والدعاء إليه بالحجج والبراهين الواضحة. (اللسان).
[7258]:قال أبو حيان تعقيبا على هذا: "ولم يعرف ابن عطية أن الزجاج معتزلي، فلذلك تأول عليه أنه لم يحصله، وأنه وقع فيه من غير قصد".