غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

1

ولما ذكر بعض دلائل التوحيد بين أنه إنما ذكرها إزاحة للعذر وإزالة للشبهة ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة فقال : { وعلى الله قصد السبيل } ذكر صاحب الكشاف أن السبيل للجنس والقصد مصدر بمعنى الفاعل يقال : قصد وقاصد أي مستقيم كأنه يقصد الوجه الذي يؤمه السالك لا يعدل عنه ، والجور الميل عن الاستقامة . احتجت المعتزلة بالآية على مسألتين من أصولهم : إحداهما أنه يجب على الله تعالى الإرشاد والهداية لأن كلمة ، " على " للوجوب والمضاف محذوف أي وعلى الله بيان قصد السبيل ؛ فالمعنى أن هداية الطريق الموصل إلى الحق واجبة عليه . والثانية أنه لا يضل أحداً ولا يغويه وإلا لقيل وعلى الله قصد السبيل وعليه جائرها أو وعليه الجائر فلما غير أسلوب الكلام قائلاً : { ومنها جائر } دل على أنه أراد أن يبين ما يجوز إضافته إليه من السبيلين وما لا يجوز . والجواب عن الأول بعد تسليم إفادة كلمة " على " الوجوب أنه وجوب بحسب الفضل والكرم لا بمعنى استحقاق الذم على الترك . وعن الثاني أن دلالة قوله : { ومنها جائر } على ما ذكرتم ليست دلالة المطابقة ولا التضمن ولا الالتزام ، لأن قول القائل " من السبيل سبل منحرفة " لا يفيد إلا الإخبار بوجود الانحراف في بعض السبيل ، فأما أن فاعل تلك السبيل من هو فلا دلالة للكلام عليه أصلاً على أن قوله : { ولو شاء لهداكم أجمعين } يناقض ما ادعيتم . وتفسير المشيئة بمشيئة الإلجاء والقسر أو بالهداية إلى الجنة خلاف الظاهر كما مر مراراً .

/خ23