الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (9)

قوله تعالى : { وَمِنْهَا جَآئِرٌ } : { } الضميرُ يعود على السبيل لأنها تُؤَنَّثُ :

{ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي } [ يوسف : 108 ] ، أو لأنها في معنى سُبُل ، فَأَنَّثَ على معنى الجمع .

والقَصْدُ مصدرٌ يُوصَفُ به فهو بمعنى قاصِد ، يُقال : سبيلٌ قَصْدٌ وقاصِدٌ ، أي : مستقيم كأنه يَقْصِد الوجهَ الذي يَؤُمُّه السَّالكُ لا يَعْدِل عنه . وقيل : الضمير يعود على الخلائق ويؤيِّده قراءةُ عيسى وما في مصحف عبد الله : " ومنكم جائِزٌ " ، وقراءةُ عليٍّ : " فمنكم جائر " بالفاء .

وقيل : أل في السبيل للعَهْدِ ، فعلى هذا يعود الضميرُ على " السبيل " التي يتضمَّنها معنى الآية كأنه قيل : ومِن السبيل ، فأعاد عليها وإنْ لم يَجْرِ لها ذِكْرٌ ؛ لأنَّ مقابلَها يَدُلُّ عليها . وأمَّا إذا كانت أل للجنس فتعودُ على لفظها .

والجَوْرُ : العُدولُ عن الاستقامةِ . قال النابغة :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** يَجُور بها الملاَّحُ طَوْراً ويَهْتدي

وقال آخر :

ومن الطريقةِ جائرٌ وهُدىً *** قَصْدُ السبيلِ ومنه ذُو دَخْلِ

وقال أبو البقاء : " وقَصْدُ مصدرٌ بمعنى إقامةِ السبيل وتَعِديلِ السبيلِ ، وليس مصدرَ قصَدْتُه بمعنى أتَيْتُه " .