المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (112)

112- وإذا كان هذا هو حال الأمم التي جاءها كتاب من اللَّه فاختلفت فيه وخرجت عليه ، فداوم أنت ومن معك من المؤمنين على التزام الطريق المستقيم كما أمرك الله ، ولا تجاوزوا حدود الاعتدال بتقصير أو إهمال ومغالاة في تكليف أنفسكم ما لا تطيقون . إنه سبحانه محيط علمه بكل ما تعملون فيجازيكم عليه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (112)

ثم لما أخبر بعدم استقامتهم ، التي أوجبت اختلافهم وافتراقهم ، أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، ومن معه ، من المؤمنين ، أن يستقيموا كما أمروا ، فيسلكوا ما شرعه الله من الشرائع ، ويعتقدوا ما أخبر الله به من العقائد الصحيحة ، ولا يزيغوا عن ذلك يمنة ولا يسرة ، ويدوموا على ذلك ، ولا يطغوا بأن يتجاوزوا ما حده الله لهم من الاستقامة .

وقوله : { إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ْ } أي : لا يخفى عليه من أعمالكم شيء ، وسيجازيكم عليها ، ففيه ترغيب لسلوك الاستقامة ، وترهيب من ضدها ، ولهذا حذرهم عن الميل إلى من تعدى الاستقامة فقال : { وَلَا تَرْكَنُوا ْ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (112)

ثم أمر الله - تعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه بالتزام الصرام المستقيم فقال - سبحانه - : { فاستقم كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } .

والفاء للتفريع على ما تقدم من الأوامر والنواهى .

والاستقامة - كما يقول القرطبى - هي الاستمرار فى جهة واحدة من غير أخذ فى جهة اليمين والشمال . . .

والطغيان : مجاوزة الحد . ومنه طغى الماء ، أى ارتفع وتجاوز الحدود المناسبة .

والمعنى : لقد علمت - أيها الرسول الكريم - حال السعداء وحال الأشقياء ، وعرفت أن كل مكلف سيوفى جزاء أعماله .

وما دام الأمر كذلك فالزم أنت ومن معك من المؤمنين طريق الاستقامة على الحق ، وداوموا على ذلك كما أمركم الله ، بدون إفراط أو تفريط ، واحذروا أن تتجاوزوا حدود الاعتدال فى كل أقوالكم وأعمالكم .

وما دام الأمر كذلك فالزم أنت ومن معك من المؤمنين طريق الاستقامة على الحق ، وداوموا على ذلك كما أمركم الله ، بدون إفراط أو تفريط ، واحذروا أن تتجاوزوا حدود الاعتدال فى كل أقوالكم وأعمالكم .

ووجه - سبحانه - الأمر بالاستقامة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - تنويها بشأنه ، وليبنى عليه قوله - { كَمَآ أُمِرْتَ } ، فيشي بذلك إلى أنه - عليه الصلاة والسلام - هو وحده المتلقى للأوامر الشرعية من الله - تعالى - .

وقد جمع قوله - تعالى - { فاستقم كَمَآ أُمِرْتَ } أصول الإِصلاح الدينى وفروعه ، كما جمع قوله - تعالى - " ولا تطغوا " أصول النهى عن المفاسد وفروعه ، فكانت الآية الكريمة بذلك جامعة لإِقامة المصالح ولدرء المفاسد .

قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه : يأمر الله - تعالى - رسوله وعباده المؤمنين فى هذه الآية بالثبات والدوام على الاستقامة ، لأن ذلك من العون على النصر على الأعداء ، وينهاهم عن الطغيان وهو البغى ، لأنه مصرعه حتى ولو كان على مشرك .

وقال الآلوسى : والاستقامة كلمة جامعة لكل ما يتعلق بالعلم والعمل وسائر الأخلاق .

أخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن الحسن أنه قال ، لما نزلت هذه الآية قال - صلى الله عليه وسلم -

" شمروا شمروا ، وما رؤى بعد ضاحكا " .

وعن ابن عباس قال : ما نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " آية أشد من هذه الآية ولا أشق " .

وفى صحيح مسلم عن سفيان عن عبد الله الثقفى قال : " قلت يا رسول الله ، قل لى فى الإِسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك . قال : " قل آمنت بالله ثم استقم " " .

وجملة { إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } تعليل للأمر بالاستقامة وللنهى عن الطغيان .

أى : الزموا المنهج القويم ، وابتعدوا عن الطغيان ، لأنه - سبحانه - مطلع على أعمالكم اطلاع المبصر ، العليم بظواهرها وبواطنها ، وسيجازيكم يوم القيامة عليها بما تستحقون من ثواب وعقاب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (112)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { فاستقم } أنت ، يا محمد ، على أمر ربك والدين الذي ابتعثك به والدعاء إليه ، كما أمرك ربك . { وَمَنْ تَابَ مَعَكَ } ، يقول : ومن رجع معك إلى طاعة الله والعمل بما أمره به ربه من بعد كفره . { وَلا تَطْغَوْا } ، يقول : ولا تعدوا أمره إلى ما نهاكم عنه . { إنّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } ، يقول : إن ربكم ، أيها الناس ، بما تعملون من الأعمال كلها طاعتها ومعصيتها بصير ذو علم بها ، لا يخفى عليه منها شيء ، وهو لجميعها مبصر ، يقول تعالى ذكره : فاتقوا الله أيها الناس أن يطلع عليكم ربكم وأنتم عاملون بخلاف أمره ، فإنه ذو علم بما تعلمون ، وهو لكم بالمرصاد .

وكان ابن عيينة يقول في معنى قوله : { فاسْتَقِمْ كمَا أُمِرْتَ }ما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان في قوله : { فاسْتَقِمْ كمَا أُمِرْتَ } ، قال : استقم على القرآن .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَلا تَطْغَوْا } ، قال : الطغيان : خلاف الله وركوب معصيته ذلك الطغيان .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (112)

{ فاستقم كما أُمرت } لما بين أمر المختلفين في التوحيد والنبوة ، وأطنب في شرح الوعد والوعيد أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالاستقامة مثل ما أمر بها وهي شاملة للاستقامة في العقائد كالتوسط بين التشبيه والتعطيل بحيث يبقى العقل مصونا من الطرفين ، والأعمال من تبليغ الوحي وبيان الشرائع كما أنزل ، والقيام بوظائف العبادات من غير تفريط وإفراط مفوت للحقوق ونحوهما وهي في غاية العسر ولذلك قال عليه الصلاة والسلام " شيبتني هود " . { ومن تاب معك } أي تاب من الشرك والكفر وآمن معك ، وهو عطف على المستكن في استقم وإن لم يؤكد بمنفصل لقيام الفاصل مقامه . { ولا تطغوا } ولا تخرجوا عما حد لكم . { إنه بما تعملون بصير } فهو مجازيكم عليه ، وهو في معنى التعليل للأمر والنهي . وفي الآية دليل على وجوب اتباع النصوص من غير تصرف وانحراف بنحو قياس واستحسان .