المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَخۡرُجُ مِنۡهُمَا ٱللُّؤۡلُؤُ وَٱلۡمَرۡجَانُ} (22)

22- يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ، تتخذون منهما حلية تلبسونها{[213]} .


[213]:(ينظر التعليق العلمي على آية 12 من سورة فاطر).
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَخۡرُجُ مِنۡهُمَا ٱللُّؤۡلُؤُ وَٱلۡمَرۡجَانُ} (22)

ثم يذكر - سبحانه - بعض نعمه المختبئة فى البحرين فيقول : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } .

و { الُّلؤْلُؤُ } - فى أصله حيوان ، وهو أعجب ما فى البحار ، فهو يهبط إلى الأعماق ، وهو داخل صدفة جيرية تقيه من الأخطار . . . ويفرز مادة لزجة تتجمد مكونة " اللؤلؤ " .

والمرجان - أيضا - حيوان يعيش فى البحار . . . ويكون جزرا مرجانية ذات ألوان مختلفة : صفراء برتقالة ، أو حماء قرنفلية ، أو زرقاء زمردية .

ومن اللؤلؤ والمرجان تتخذ الحلى الغالية الثمن ، العالية القيمة ، التى تتحلى بها النساء . .

والآية الكريمة صريحة فى أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من البحرين - الملح والعذب - إلا أن كثيرا من المفسرين ساروا على أنه - أى : اللؤلؤ والمرجان - يخرج من أحدهما فحسب ، وه البحر الملح .

قال الآلوسى ما ملخصه : واللؤلؤ صغار الدر ، والمرجان كباره . . . وقيل : العكس .

والمشاهد أن خروج " اللؤلؤ والمرجان " من أحدهما وهو الملح . . . لكن لما التقيا وصارا كالشىء الواحد جاز أن يقال : يخرجان منهما ، كما يقال : يخرجان من البحر ، ولا يخرجان من جميعه ، ولكن من بعضه ، كما تقول : خرجت من البلد ، وإنما خرجت من محلة من محاله ، بل من دار واحدة من دوره ، وقد يسند إلى الإثنين ما هو لأحدهما ، كما يسند إلى الجماعة ما صدر من واحد منهم .

والحق أن ما سار عليه الإمام الآلوسى وغيره : من أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من البحر الملح لا من البحر العذب ، مخالف لما جاء صريحا فى قوله - تعالى - : { وَمَا يَسْتَوِي البحران هذا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وهذا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا . . } فإن هذه الآية صريحة فى أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من كلا البحرين الملح والعذب ، وقد أثبتت البحوث العلمية صحة ذلك ، فقد عثر عليهما فى بعض الأنهار العذبة ، التى فى ضواحى ويلز واسكتلاندا فى بريطانيا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَخۡرُجُ مِنۡهُمَا ٱللُّؤۡلُؤُ وَٱلۡمَرۡجَانُ} (22)

وقال ابن عباس وقتادة والضحاك : { اللؤلؤ } : كبار الجوهر { والمرجان } : صغاره . وقال ابن عباس أيضاً ومرة الهمداني{[10817]} عكس هذا ، والوصف بالصغر وهو الصواب في { اللؤلؤ } . وقال ابن مسعود وغيره { المرجان } : حجر أحمر ، وهذا هو الصواب في { المرجان } . و { اللؤلؤ } : بناء غريب لا يحفظ منه في كلام العرب أكثر من خمسة : اللؤلؤ والجؤجؤ والدؤدؤ واليؤيؤ وهو طائر ، والبؤبؤ وهو الأصل{[10818]} .

واختلف الناس في قوله : { منهما } فقال أبو الحسن الأخفش في كتابه الحجة ، وزعم قوم أنه قد ينفرج { اللؤلؤ والمرجان } من الملح ومن العذب .

قال القاضي أبو محمد : ورد الناس على هذا القول ، لأن الحس يخالفه ولا يخرج ذلك إلا من الملح وقد رد الناس على الشاعر في قوله : [ الطويل ]

فجاء بها ما شيت من لطمية . . . على وجهها ماء الفرات يموج{[10819]}

وقال جمهور من المتأولين : إنما يخرج ذلك من الأجاج في المواضع التي تقع فيها الأنهار والمياه العذبة ، فلذلك قال : { منهما } وهذا مشهور عند الغواصين . وقال ابن عباس وعكرمة : إنما تتكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر ، لأن الصدف وغيرها تفتح أجوافها للمطر ، فلذلك قال : { منهما } وقال أبو عبيدة ما معناه : إن خروج هذه الأشياء إنما هي من الملح ، لكنه قال : { منهما } تجوزاً كما قال الشاعر [ عبد الله بن الزبعرى ] : [ مجزوء الكامل مرفّل ]

. . . . . . متقلداً سيفاً ورمحا{[10820]}

وكما قال الآخر :

. . . . . . . علفتها تبناً وماءً بارداً{[10821]}

فمن حيث هما نوع واحد ، فخروج هذه الأشياء إنما هي منهما وإن كانت تختص عند التفصيل المبالغ بأحدهما ، وهذا كما قال تعالى : { سبع سماوات طباقاً وجعل القمر فيهن }{[10822]} [ نوح : 15-16 ] ، وإنما هو في إحداهن وهي الدنيا إلى الأرض . قال الرماني : العذب فيهما كاللقاح للملح فهو كما يقال : الولد يخرج من الذكر والأنثى .

وقرأ نافع وأبو عمرو وأهل المدينة : «يُخرَج » بضم الياء وفتح الراء . «اللؤلؤُ » رفعاً . وقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي : «يَخرُج » بضم الياء وفتح الراء على بناء الفعل للفاعل ، وهي قراءة الحسن وأبي جعفر . وقرأ أبو عمرو في رواية حسين الجعفي عنه : «يُخرِج » بضم الياء وكسر الراء على إسناده إلى الله تعالى ، أي بتمكينه وقدرته ، «اللؤلؤَ » نصباً ، ورواها أيضاً عنه بالنون مضمومة وكسر الراء .


[10817]:هو مرة بن شراحبيل الهمداني-بسكون الميم بعدها دال غير منقوطة-أبو إسماعيل الكوفي، قال في تقريب التهذيب:"هو الذي يقال له: مُرة الطيب، ثقة عابد، من الثانية، مات سنة ست وسبعين، وقيل بعد ذلك".
[10818]:اللؤلؤ: الدر، وهو يتكون في الأصداف من رواسب أو جوامد صلبة لماعة مستديرة في بعض الحيوانات المائية الدنيا من الرخويات، واحدته: لؤلؤة، وجمعه: لآلئ. والجؤجؤ: مجتمع رءوس عظام الصدر، وصدر السفينة، وجمعه:جآجئ.والدؤدؤ: آخر أيام الشهر، ويقال: ليلة دؤدؤ: شديدة الظلمة، وجمعه:دآدئ، وفي الحديث(ليس عفر الليالي كاداآدي). واليؤيؤ: طائر من جوارح الطير كالباشق، وهو طائرصغير قصير الذنب، وجمعه: يآيى. والبؤبؤ: الأصل، يقال: فلان في بؤبؤ المجد، وقد يكون معناه: وسط الشيء، وكذلك من معانيه: إنسان العين، يقال: هو أعز عليّ من بؤبؤ عيني، أي من إنسانها، وهو في الوقت نفسه وسط العين.
[10819]:هذا البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو من أبيات يصف فيها محبوبته ويشبهها بالدرة الثمينة التي تعبت الغواص في الوصول إليها وسط لُجج الماء، ثم جاء بها بعد كثير من التعب والإرهاق، فالضمير في (فجاء) يعود على الغواص وقد ذكره في الأبيات السابقة، وفي (بها) يعود الضمير على الدرة، واللطيمة: عير تحمل التجارة والعِطر، فإن لم يكن فيها عطر فليست بلطيمة، فجعل الشاعر هذه الدرة تحملها عير اللطيمة، وقوله:(ما شئت من لطيمة) في موضع الحال، أي جاء بها في هذه الحالة. والفُرات: العذب من الماء، ويموج: يضطرب ويتحرك، جعل الماء العذب يتلاطم فوقها، قالوا: وقد أخطأ هنا، فقد ظن أن الدرة إذا كانت في الماء العذب فليس لها شبيه، ولم يعلم أنها لا تكون في الماء العذب، ويروى الشطر الثاني:(تدوم البِحار فوقها وتموج)أي: تسكن فوقها وتتحرك، و(دام) تفيد معنى السكون، ومنه(لا يبولن أحدكم في الماء الدائم)، وعلى هذا فلا شاهد في البيت، والرواية الأخيرة هي رواية الديوان.
[10820]:هذا عجز بيت قاله عبد الله بن الزبعري-كما في حواشي الكامل- والبيت بتمامه كما ذكره الفراء في(معاني القرآن): ولقيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا والرواية في خزانة الأدب-نقلا عن المبرد في الكامل- وفي اللسان-قلد-:(يا ليت زوجك قد غدا)، وتقلد الأمر: احتمله، وكذلك تقلد السيف، والمعنى في البيت: متقلدا قد غدا)، وتقلد الأمر: احتمله، وكذلك تقلد السيف، والمعنى في البيت: متقلدا سيفا وحاملا رمحا، قيل: إن الرمح لا يُتقلد لكنه لما جمع الرمح مع السيف حمله على مثل لفظه لأن المعنى يرجع إلى شيء واحد، وهذا هو معنى كلام المبرد، وقد جعل البيت كقول الشاعر الآخر:(شراب ألباب وسمن وأقط)، فإن اللبن يشرب، ولكن السمن والأقط لا يشربان وإنما يؤكلان، لكنه لما جمع بينها حمل الأخيرين على مثل لفظ الأول لأن المعنى يرجع إلى شيء واحد.
[10821]:هذا رجز لم يعرف قائله، وفي بعض حواشي نسخة من الصحاح نسب إلى ذي الرمة، قال في الخزانة: وفتشت ديوانه فلم أجده فيه، وقد أورد العلامة الشيرازي، والفاضل اليمني صدرا، وجعلا الجزاء المذكور هنا عجزا، فصار كالآتي: لما حططت الرحل عنها واردا علفتها تبنا وماء باردا وجعله آخرون صدرا، وأوردوا له عجزا فصار كالآتي: علفتها تبنا وماء باردا حتى شتت همالة عيناها والضمير في (علفتها) يرجع إلى الدابة المعهودة، والشاهد أنه عطف الماء على التبن، ولا يقال عن الماء علف، ولهذا قالوا: التقدير: وسقيتها ماء، وقيل: إنه لما جمع الماء مع التبن حمله على مثل لفظه لأن المعنى يرجع إلى شيء واحد، وهو بهذا كقول الراعي عبيد: إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا إذ أن العيون لا تزجج مثل الحواجب، ولهذا كان التقدير: وكحلن العيونا، أو يقال: إنه لما جمع العيون مع الحواجب حملها على مثل لفظها لأن المعنى يرجع إلى شيء واحد. وقالوا: إن العرب تجمع الجنسين ثم تخبر عن أحدهما، وقد ورد هذا في القرآن الكريم، قال تعالى:{يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم}، فإن الرسل من الإنس فقط.
[10822]:من الآيتين(15، 16) من سورة (نوح).
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَخۡرُجُ مِنۡهُمَا ٱللُّؤۡلُؤُ وَٱلۡمَرۡجَانُ} (22)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{يخرج منهما} من الماءين جميعا، الماء الملح، والماء العذب، ومن ماء السماء {اللؤلؤ} الصغار {والمرجان} يعني الدر العظام...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: يخرج من هذين البحرين اللذين مرجهما الله، وجعل بينهما برزخا اللؤلؤ والمرجان.

واختلف أهل التأويل في صفة اللؤلؤ والمرجان؛

فقال بعضهم: اللؤلؤ: ما عظم من الدر، والمرجان: ما صغُر منه...

وقال آخرون: المرجان من اللؤلؤ: الكبار، واللؤلؤ منها: الصغار...

وقال آخرون: المرجان: جيد اللؤلؤ...

وقال آخرون: المرجان: حجر...

والصواب من القول في اللؤلؤ، أنه هو الذي عرفه الناس مما يخرج من أصداف البحر من الحبّ، وأما المرجان، فإني رأيت أهل المعرفة بكلام العرب لا يتدافعون أنه جمع مرجانة، وأنه الصغار من اللؤلؤ، قد ذكرنا ما فيه من الاختلاف بين متقدمي أهل العلم، والله أعلم بصواب ذلك.

جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :

خلق الله تعالى اللؤلؤ مدورا في صدف تحت الماء، وأثبت المرجان في جنح صخور البحر، فقال سبحانه: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} وذلك في معرض الامتنان، وقيل: المرجان المذكور في القرآن: هو الرقيق من اللؤلؤ. (الحكمة في مخلوقات الله عز وجل ضمن المجموعة رقم 1 ص 18)...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{المرجان}: حجر أحمر، وهذا هو الصواب في {المرجان}...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

...

...

...

...

...

...

...

.

المسألة الثانية: اللؤلؤ لا يخرج إلا من المالح، فكيف قال: منهما؟

نقول الجواب عنه من وجهين؛

(أحدهما) أن ظاهر كلام الله تعالى أولى بالاعتبار من كلام بعض الناس الذي لا يوثق بقوله، ومن علم أن اللؤلؤ لا يخرج من الماء العذب وهب أن الغواصين ما أخرجوه إلا من المالح وما وجدوه إلا فيه، لكن لا يلزم من هذا أن لا يوجد في الغير سلمنا لم قلتم أن الصدف يخرج بأمر الله من الماء العذب إلى الماء المالح وكيف يمكن الجزم والأمور الأرضية الظاهرة خفيت عن التجار الذين قطعوا المفاوز وداروا البلاد فكيف لا يخفى أمر ما في قعر البحر عليهم.

(ثانيهما) أن نقول: إن صح قولهم في اللؤلؤ إنه لا يخرج إلا من البحر المالح، فنقول: فيه وجوه.

...

...

...

...

...

....

(رابعها) أن (من) ليست لابتداء شيء كما يقال: خرجت من الكوفة بل لابتداء عقلي كما يقال: خلق آدم من تراب ووجدت الروح من أمر الله فكذلك اللؤلؤ يخرج من الماء أي منه يتولد.

المسألة الثالثة: أي نعمة عظيمة في اللؤلؤ والمرجان حتى يذكرهما الله مع نعمة تعلم القرآن وخلق الإنسان؟

وفي الجواب قولان:

(الأول) أن نقول: النعم منها خلق الضروريات كالأرض التي هي مكاننا...ومنها الزينة وإن لم يكن نافعا كاللؤلؤ والمرجان...

(والثاني) أن نقول: هذه بيان عجائب الله تعالى لا بيان النعم، والنعم قد تقدم ذكرها هنا، وذلك لأن خلق الإنسان من صلصال، وخلق الجان من نار، من باب العجائب لا من باب النعم، ولو خلق الله الإنسان من أي شيء خلقه لكان إنعاما، إذا عرفت هذا فنقول: الأركان أربعة، التراب والماء والهواء والنار فالله تعالى بين بقوله: {خلق الإنسان من صلصال} أن الإنسان خلقه من تراب وطين وبين بقوله: {خلق الجان من مارج من نار} أن النار أيضا أصل لمخلوق عجيب، وبين بقوله: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} أن الماء أصل لمخلوق آخر، كالحيوان عجيب، بقي الهواء لكنه غير محسوس، فلم يذكر أنه أصل مخلوق بل بين كونه منشأ للجواري في البحر كالأعلام.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{اللؤلؤ} وهو الدر الذي هو في غاية البياض والإشراق والصفاء {والمرجان} أي القضبان الحمر التي هي في غاية الحمرة، فسبحان من غاير بينهما في اللون والمنافع والكون -...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان).. واللؤلؤ في أصله -حيوان. "ولعل اللؤلؤ أعجب ما في البحار، فهو يهبط إلى الأعماق، وهو داخل صدفة من المواد الجيرية لتقيه من الأخطار... " والمرجان من عجائب مخلوقات الله، يعيش في البحار على أعماق تتراوح بين خمسة أمتار وثلاث مائة متر...