المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ} (1)

مقدمة السورة:

في هذه السورة أمر الله رسوله بقيام قدر كبير من الليل ، للصلاة وقراءة القرآن مرتلا فيها ، فقام هو وطائفة من الذين معه ، ثم خفف الله عنهم في آخرها ، وأمرهم بالصلاة والزكاة والصدقة والاستغفار .

وفي أثنائها أمره بالصبر على ما يقول المكذبون ، وتركهم لما أعده الله لهم من العذاب ، وهدد الكافرين بمثل العذاب الذي وقع على فرعون ومن معه حين عصوا رسول ربهم وخوفهم ببعض أهوال القيامة .

1 - يا أيها المتلفف بثيابه ، قُمْ الليل مصلياً إلا قليلاً ، قُمْ نصفْ الليل أو انقص من النصف قليلاً حتى تصل إلى الثلث ، أو زد على النصف حتى تصل إلى الثلثين ، واقرأ القرآن متمهلاً مبيناً للحروف والوقوف قراءة سالمة من أي نقصان .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة المزمل

مقدمة وتمهيد

1- سورة " المزمل " هي السورة الثالثة والسبعون في ترتيب المصحف ، أما ترتيبها في النزول على النبي صلى الله عليه وسلم فهي السورة الثالثة أو الرابعة ، إذ يرى بعضهم أنه لم يسبقها في النزول سوى سورتي العلق والمدثر ، بينما يرى آخرون أنه لم يسبقها سوى سور العلق ، ونون ، والمدثر .

وعدد آياتها عشرون آية عند الكوفيين ، وتسع عشرة آية عند البصريين وثماني عشرة آية عند الحجازيين .

2- وجمهور العلماء على أن سورة " المزمل " من السور المكية الخالصة ، فابن كثير –مثلا- عند تفسيره لها قال : تفسير سورة " المزمل " ، وهي مكية .

وحكى بعضهم أنها مكية سوى آيتين ، فقد قال القرطبي : مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ، وقال ابن عباس وقتادة : هي مكية إلا آيتين منها ، وهما قوله –تعالى- : [ واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا ، وذرني والمكذبين . . . ] .

وقال الثعلبي : هي مكية إلا الآية الأخيرة منها وهي قوله –تعالى- : [ إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه . . . ] فإنها نزلت بالمدينة( {[1]} ) .

وقال الشيخ ابن عاشور ما ملخصه : وقال في الإتقان : إن استثناء قوله –تعالى- : [ إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل . . . ] إلى آخر السورة ، يرده ما أخرجه الحاكم عن عائشة أنها قالت : نزلت هذه الآية بعد نزول صدر السورة بسنة . .

ثم قال الشيخ ابن عاشور : وهذا يعني أن السورة كلها مكية ، والروايات تظاهرت على أن هذه الآية قد نزلت منفصلة عما قبلها ، بمدة مختلف في قدرها ، فعن عائشة أنها سنة . . ومن قال بأن هذه الآية مدنية ، يكون نزولها بعد نزول ما قبلها بسنين . .

والظاهر أن هذه الآية مدنية ، لقوله –تعالى- : [ . . . وآخرون يقاتلون في سبيل الله ] ومن المعروف أن القتال لم يفرض إلا في المدينة –إن لم يكن ذلك إنباء بمغيب على وجه المعجزة( {[2]} ) .

والسورة الكريمة : زاخرة بالحديث الذي يدخل التسلية والصبر على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، ويعلي من شأن القرآن الكريم ، ويرشد المؤمنين إلى ما يسعدهم ويصلح بالهم ، ويهدد الكافرين بسوء المصير إذا ما استمروا في طغيانهم ، ويذكّر الناس بأهوال يوم القيامة . . ويسوق لهم ألوانا من يسر شريعته ورأفته –عز وجل- بعباده ، وإثابتهم بأجزل الثواب على أعمالهم الصالحة .

وقد ذكرالمفسرون عند تفسيرهم لهذه السورة الكريمة روايات منها ما رواه البزار والطبرانى فى الأوسط ، وأبو نعيم فى الدلائل عن جابر - رضى الله عنه - قال : اجتمعت قريش فى دار الندوة فقالوا : سموا هذا الرجل اسما تصدوا الناس عنه فقالوا : كاهن . قالوا : ليس بكاهن . قالوا : مجنون . قالوا : ليس بمجنون . قالوا : ساحر . قالوا : ليس بساحر . . فتفرق المشركون على ذلك . فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فتزمل فى ثيابه وتدثر فيها ، فأتاه جبريل فقرأ عليه : { ياأيها المزمل } { ياأيها المدثر . . . } وقيل : إنه صلى الله عليه وسلم كان نائما بالليل متزملا فى قطيفة . . فجاءه جبريل بقوله - تعالى - { ياأيها المزمل . قُمِ الليل إِلاَّ قَلِيلاً . . } .

وقيل : إن سبب نزول هذه الآيات ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جاورت بحراء ، فلما قضيت جوارى ، هبطت ، فنوديت فنظرت عن يمينى فلم أر شيئا ، ونظرت عن شمالى فلم أر شيئا . . فرفعت رأسى فإذا الذى جاءنى بحراء ، جالس على كرسى بين السماء والأرض . . فرجعت فقلت : دثرونى دثرونى " ، وفى رواية : " فجئت أهلى فقلت : زملونى زملونى ، فأنزل الله - تعالى - : { ياأيها المدثر . . . } " .

وجمهور العلماء يقولون : وعلى أثرها نزلت : { ياأيها المزمل . . . } .

و { المزمل } : اسم فاعل من تزمل فلان بثيابه ، إذا تلفف فيها ، وأصله المتزمل ، فأدغمت التاء فى الزاى والميم .

وافتتح الكلام بالنداء للتنبيه على أهمية ما يلقى على المخاطب من أوامر أو نواه .

وفى ندائه صلى الله عليه وسلم بلفظ " المزمل " تلطف معه ، وإيناس لنفسه ، وتحبب إليه ، حتى يزداد نشاطا ، وهو يبلغ رسالة ربه .

والمعنى : يأيها المزمل بثيابه ، المتلفف فيه ، رهبة مما رآه من عبدنا جبريل . او هما وغما مما سمعه من المشركين ، من وصفهم له بصفات هو برئ منها .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
[2]:- سورة الإسراء. الآية 9.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المزمل مكية وآيها تسع عشرة أو عشرون .

بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها المزمل أصله المتزمل من تزمل بثيابه إذا تلفف بها فأدغم التاء في الزاي وقد قرئ به وب المزمل مفتوحة الميم ومكسورتها أي الذي زمله غيره أو زمل نفسه سمي به النبي صلى الله عليه وسلم تهجينا لما كان عليه فإنه كان نائما أو مرتعدا مما دهشه من بدء الوحي متزملا في قطيفة أو تحسينا له إذ روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي متلففا بمرط مفروش على عائشة رضي الله تعالى عنها فنزلت أو تشبيها له في تثاقله بالمتزمل لأنه لم يتمرن بعد في قيام الليل أو من تزمل الزمل إذا تحمل الحمل أي الذي تحمل أعباء النبوة .