5 - ليُدخل الله المؤمنين والمؤمنات بالله ورسوله جنات تجرى من تحتها الأنهار ، دائمين فيها ، يمحو عنهم سيئاتهم ، وكان ذلك الجزاء عند الله فوزاً بالغاً غاية العِظم . وليعذب المنافقين والمنافقات ، والمشركين مع الله غيره والمشركات ، الظانين بالله ظنا فاسدا . وهو أنه لا ينصر رسوله ، عليهم - وحدهم - دائرة السوء ، لا يفلتون منها ، وغضب الله عليهم وطردهم من رحمته وَهَيَّأ لعذابهم جهنم وساءت نهاية لهم .
واللام فى قوله - سبحانه - : { لِّيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمنات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار . . } متعلقة بمحذوف أو بقوله : { فَتْحاً } .
أى : فعل - سبحانه - ما فعل من جعل جنود السماوات والأرض تحت سيطرته وملكه ، ومن دفع الناس بعضعهم ببعض ، ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار . { خَالِدِينَ فِيهَا } خلودا أبديا { وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } التى فعلوها فى دنياهم ، بأن يعفرها لهم ، ويزيلها عنهم ، بل ويحولها لمن شاء منهم بفضله وكرمه إلى حسنات .
{ وَكَانَ ذَلِكَ } الإِدخال للمؤمنين الجنة ، وتكفير سيئاتهم . .
{ عِندَ الله } - تعالى - { فَوْزاً عَظِيماً } لا يقادر قدره ، لأنه نهاية آمال المؤمنين ، وأقصى ما يتمناه العقلا المخلصون .
ثم قال تعالى : { لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } ، قد تقدم حديث أنس : قالوا : هنيئا لك يا رسول الله ، هذا لك فما لنا ؟ فأنزل الله : { لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا } أي : ماكثين فيها أبدا . { وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } أي : خطاياهم وذنوبهم ، فلا يعاقبهم عليها ، بل يعفو ويصفح ويغفر ، ويستر ويرحم ويشكر ، { وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا } ، كقوله { فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [ آل عمرن : 185 ] .
{ ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } علة بما بعده لما دل عليه قوله تعالى : { ولله جنود السموات والأرض } من معنى التدبير ، أي دبر ما دبر من تسليط المؤمنين ليعرفوا نعمة الله فيه ويشكروها فيدخلهم الجنة ويعذب الكفار والمنافقين لما غاظهم من ذلك ، أو { فتحنا } أو { أنزل } أو جميع ما ذكر أو { ليزدادوا } ، وقيل أنه بدل منه بدل الاشتمال . { ويكفر عنهم سيئاتهم } يغطيها ولا يظهرها . { وكان ذلك } أي الإدخال والتكفير . { عند الله فوزا عظيما } لأنه منتهى ما يطلب من جلب نفع أو دفع ضر ، وعند حال من الفوز .
اللام للتعليل متعلقة بفعل { ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم } [ الفتح : 4 ] فما بعد اللام علة لعلة إنزال السكينة فتكون علة لإنزال السكينة أيضاً بواسطة أنه علة العلة .
وذكر المؤمنات مع المؤمنين هنا لدفع توهم أن يكون الوعد بهذا الإدخال مختصاً بالرجال . وإذ كانت صيغة الجمع صيغة المذكر مع ما قد يؤكد هذا التوهم من وقوعه علة أو علةَ علةٍ للفتح وللنصر وللجنود وكلها من ملابسات الذكور ، وإنما كان للمؤمنات حظ في ذلك لأنهن لا يخلون من مشاركة في تلك الشدَائد ممن يقمن منهن على المرضى والجرحى وسقي الجيش وقت القتال ومن صبر بعضهنّ على الثُّكل أو التأيّم ، ومن صبرهن على غيبة الأزواج والأبناء وذوي القرابة . والإشارة في قوله { وكان ذلك } إلى المذكور من إدخال الله إياهم الجنة .
والمراد بإدخالهم الجنة إدخال خاص وهو إدخالهم منازل المجاهدين وليس هو الإدخال الذي استحقوه بالإيمان وصالح الأعمال الأخرى . ولذلك عطف عليه { ويكفر عنهم سيئاتهم } .
والفوز : مصدر ، وهو الظفر بالخير والنجاح . و { عند الله } متعلّق ب { فوزاً } ، أي فازوا عند الله بمعنى : لقوا النجاح والظفر في معاملة الله لهم بالكرامة وتقديمه على متعلقه للاهتمام بهذه المعاملة ذات الكرامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.