الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{لِّيُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِيمٗا} (5)

وقوله سبحانه : { لِّيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمنات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار } الآية ، رُوِيَ في معنى هذه الآية أَنَّه لَمَّا نزلت : { وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } [ الأحقاف : 9 ] تَكَلَّمَ فيها أهل الكفر ، وقالوا : كيف نَتَّبِعُ مَنْ لا يعرف ما يُفْعلُ به وبالناس ؟ ! فَبَيَّنَ اللَّه في هذه السورة ما يفعل به بقوله : { لِّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } فَلَمَّا سمعها المؤمنون قالوا : هنيئاً لك يا رسول اللَّه ، لقد بَيَّنَ اللَّه لك ما يفعل بك ، فما يفعل بنا ؟ فنزلت : { لِّيُدْخِلَ المؤمنين والمؤمنات جنات } إلى قوله : { مَصِيراً } فعرَّفه اللَّه ما يفعل به وبالمؤمنين وبالكافرين ، وذكر النقاش أَنَّ رجلاً من «عَكَّ » قال : هذا الذي لرسول اللَّه ، فما لنا ؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " هِيَ لِي وَلأمَّتِي كَهَاتَيْنِ ، وَجَمَعَ بَيْنَ إصْبَعَيْهِ " . وقوله : { وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سيئاتهم } هو من ترتيب الجمل في السرد ، لا ترتيب وقوع معانيها ؛ لأَنَّ تكفير السيئات قبل إدخالهم الجنة .