نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لِّيُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِيمٗا} (5)

ولما دل على الفتح بالنصر وما معه ، وعلل الدين بالسكينة ، علل علة الدليل وهي { ليزدادوا إيماناً } و{[60150]}علل ما دل عليه ملك الجنود من تدبيرهم وتدبير الأكوان بهم بقوله تعالى زيادة في السكينة : { ليدخل } أي بما أوقع في السكينة { المؤمنين والمؤمنات } الذين جبلهم جبلة خير بجهاد بعضهم ودخول بعضهم في الدين بجهاد المجاهدين ، ولو سلط على الكفار{[60151]} جنوده من أول الأمر فأهلكوهم{[60152]} أو دمر عليهم بغير واسطة لفات دخول أكثرهم الجنة ، وهم من آمن منهم بعد صلح الحديبية { جنات } أي بساتين لا يصل إلى عقولكم من وصفها إلا ما تعرفونه بعقولكم وإن كان الأمر أعظم من ذلك { تجري } ودل وقرب وبعض بقوله : { من تحتها الأنهار } فأي موضع أردت أن تجري منه نهراً قدرت على ذلك ، لأن الماء قريب من وجه الأرض مع صلابتها وحسنها . ولما كان الماء لا يطيب إلا بالقرارقال تعالى : { خالدين{[60153]} فيها } أي لا إلى آخر .

ولما كان السامع لهذا ربما ظن أن فعله ذلك باستحقاق ، قال إشارة إلى أنه لا سبب إلا رحمته : { ويكفر } أي يستر ستراً بليغاً شاملاً{[60154]} { عنهم سيئاتهم } {[60155]}التي ليس من الحكمة دخول الجنة دار القدس قبل تكفيرها ، بسبب ما كانوا متلبسين{[60156]} به منها من الكفر وغيره ، فكان ذلك التكفير سبباً لدخولهم الجنة { وكان ذلك } أي الأمر العظيم من الإدخال والتكفير المهيىء {[60157]}له ، وقدم الظرف تعظيماً لها فقال تعالى : { عند الله } أي الملك الأعظم ذي الجلال والإكرام { فوزاً عظيماً * } يملأ جميع الجهات .


[60150]:من ظ ومد، وفي الأصل: أو.
[60151]:في مد: الكافرين.
[60152]:من ظ ومد، وفي الأصل: فاهلكهم.
[60153]:زيد في الأصل: لزلا وأبدا، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[60154]:سقط من ظ ومد.
[60155]:زيد في الأصل: أي، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[60156]:من ظ ومد، وفي الأصل: ملتبسين.
[60157]:من مد، وفي الأصل و ظ: والمهين.