لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{لِّيُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِيمٗا} (5)

قوله عز وجل : { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار } يستدعي سابقاً تقديره هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليدخلهم جنات . وقيل : تقديره أن من علمه وحكمته إن سكّن قلوب المؤمنين بصلح الحديبية ووعدهم الفتح والنصر ليشكروه على نعمه ، فيثيبهم ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار ، وقد تقدم ما روي عن أنس أنه لما نزل قوله تعالى :{ إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر }[ الفتح : 1- 2 ] قال الصحابة : هنيئاً مريئاً قد بين الله تعالى ما يفعل بك فماذا يفعل بنا ؟ فأنزل الله عز وجل الآية التي بعدها : { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم } فإن قلت تكفير السيئات إنما يكون قبل دخولهم الجنة فكيف ذكره بعد دخولهم الجنة ، قلت : الواو لا تقتضي الترتيب وقيل إن تكفير السيئات والمغفرة من توابع كون المكلف من أهل الجنة فقدم الإدخال بالذكر بمعنى أنه من أهل الجنة { وكان ذلك عند الله فوزاً عظيماً } يعني أن ذلك الإدخال والتكفير كان في علم الله تعالى فوزاً عظيماً .