البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لِّيُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِيمٗا} (5)

{ ليدخل } : هذه اللام تتعلق ، قيل : بإنا فتحنا لك .

وقيل : بقوله : { ليزدادوا } .

فإن قيل : { ويعذب } عطف عليه ، والازدياد لا يكون سبباً لتعذيب الكفار ، أجيب عن هذا بأنه ذكر لكونه مقصوداً للمؤمن ، كأنه قيل : بسبب ازديادكم في الأيمان يدخلكم الجنة ويعذب الكفار بأيديكم في الدنيا .

وقيل : بقوله : { وينصرك الله } : أي بالمؤمنين .

وهذه الأقوال فيها بعد .

وقال الزمخشري : { ولله جنود السموات والأرض } ، يسلط بعضها على بعض ، كما يقتضيه علمه وحكمته .

ومن قضيته أن صلح قلوب المؤمنين بصلح الحديبية ، وإن وعدهم أن يفتح لهم ، وإنما قضى ذلك ليعرف المؤمنون نعمة الله فيه ويشكرون ، فيستحقوا الثواب ، فيثيبهم ، ويعذب الكافرين والمنافقين ، لما غاظهم من ذلك وكرهوه . انتهى .

ولا يظهر من كلامه هذا ما تتعلق به اللام ؛ والذي يظهر أنها تتعلق بمحذوف يدل عليه الكلام ، وذلك أنه قال : { ولله جنود السموات والأرض } .

كان في ذلك دليل على أنه تعالى يبتلي يتلك الجنود من شاء ، فيقبل الخير من قضى له بالخير ، والشر من قضى له بالشر .

{ ليدخل المؤمنين } جنات ، ويعذب الكفار .

فاللام تتعلق بيبتلي هذه ، وما تعلق بالابتلاء من قبول الإيمان والكفر .

{ ويكفر } : معطوف على ليدخل ، وهو ترتيب في الذكر لا ترتيب في الوقوع .

وكان التبشير بدخول الجنة أهم ، فبدىء به .