أتبع ذلك ببيان أنه - عز وجل - كفيل بالإِرشاد إلى الطريق المستقيم لمن يتجه إليه فقال - تعالى - : { وعلى الله قَصْدُ السبيل ، وَمِنْهَا جَآئِرٌ ، وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } .
والقصد : الاستقامة . والسبيل : الطريق والقصد منه : هو المستقيم الذى لا اعوجاج فيه . يقال : سبيل قصد وقاصد ، أى : مستقيم ، قال الشاعر :
ومن الطريقة جائر وهدى . . . قصد السبيل ، ومنه ذو دخل
قال الجمل ما ملخصه : " { وعلى الله } أى : تفضلا { قصد السبيل } على تقدير مضاف ، أى : وعلى الله بيان قصد السبيل . وهو بيان طريق الهدى من الضلالة ، وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف ، والقصد مصدر يوصف به . يقال : سبيل قصد وقاصد أى : مستقيم ، كأنه يقصد الوجه الذى يؤمه السالك لا يعدل عنه .
وفي معرض النقل والحمل والركوب والسير لبلوغ غايات محسوسة في عالم الأرض ، يدخل السياق غايات معنوية وسيرا معنويا وطرقا معنوية . فثمة الطريق إلى الله . وهو طريق قاصد مستقيم لا يلتوي ولا يتجاوز الغاية . وثمة طرق أخرى لا توصل ولا تهدي . فاما الطريق إلى الله فقد كتب على نفسه كشفها وبيانها : بآياته في الكون وبرسله إلى الناس :
( وعلى الله قصد السبيل . ومنها جائر . ولو شاء لهداكم أجمعين ) . .
والسبيل القاصد هو الطريق المستقيم الذي لا يلتوي كأنه يقصد قصدا إلى غايته فلا يحيد عنها . والسبيل الجائر هو السبيل المنحرف المجاوز للغاية لا يوصل إليها ، أو لا يقف عندها !
( ولو شاء لهداكم أجمعين ) . . ولكنه شاء أن يخلق الإنسان مستعدا للهدى والضلال ، وأن يدع لإرادته اختيار طريق الهدى أو طريق الضلال . فكان منهم من يسلك السبيل القاصد ، ومنهم من يسلك السبيل الجائر . وكلاهما لا يخرج على مشيئة الله ، التي قضت بأن تدع للإنسان حرية الاختيار .
{ وعلى الله قصد السبيل } بيان مستقبل الطريق الموصل إلى الحق ، أو إقامة السبيل وتعديلها رحمة وفضلا ، أو عليه قصد السبيل يصل إليه من يسلكه لا محالة يقال سبيل قصد وقاصد أي مستقيم ، كأنه يقصد الوجه الذي يقصده السالك لا يميل عنه ، والمراد من { السبيل } الجنس ولذلك أضاف إليه ال { قصد } وقال : { ومنها جائز } حائد عن القصد أو عن الله ، وتغيير الأسلوب لأنه ليس بحق على الله تعالى أن يبين طرق الضلالة ، أو لأن المقصود بيان سبيله وتقسيم السبيل إلى القصد والجائر إنما جاء بالعرض . وقرئ و " منكم جائر " أي عن القصد . { ولو شاء } الله { لهداكم أجمعين } أي ولو شاء هدايتكم أجمعين لهداكم إلى قصد السبيل هداية مستلزمة للاهتداء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.