المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَشَجَرَةٗ تَخۡرُجُ مِن طُورِ سَيۡنَآءَ تَنۢبُتُ بِٱلدُّهۡنِ وَصِبۡغٖ لِّلۡأٓكِلِينَ} (20)

20- وخلقنا لكم شجرة الزيتون التي تنبت في منطقة طور سيناء ، وفي ثمارها زيت تنتفعون به ، وهو إدام للآكلين{[142]} .


[142]:{وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين}: تقرر هذه الآية الكريمة أن شجرة الزيتون من ضمن النعم التي أنعم الله بها علي الإنسان، وعدد بعضها في الآيات السابقة واللاحقة لهذه الآية. إذ أنها من الأشجار الخشبية التي تعمر طويلا لمدد تزيد علي مئات السنين، فلا يأخذ أمرها جهدا من الإنسان، وإنما تثمر أثمارا مستمرة طبيعية كما تتميز بأنها دائمة الخضرة جميلة المنظر. وتفيد الأبحاث العلمية أن الزيتون يعتبر مادة غذائية جيدة، ففيه نسبة كبيرة من البروتين، كما تتميز بوجود الأملاح الكلسية والحديدية والفسفورية، وهي مواد هامة وأساسية في غذاء الإنسان، وعلاوة علي ذلك فإن الزيتون يحتوي علي فيتامين "أ" وفيتامين "ب"، ويستخرج من الثمار وزيت الزيتون الذي يحتوي علي نسبة عالية من الدهون السائلة، وهذا الزيت يستعمل بكثرة في التغذية. وتفيد الأبحاث الطبية إلي أن زيت الزيتون له فوائد عديدة، فهو يفيد الجهاز الهضمي عامة، والكبد خاصة، وهو يفضل كافة أنواع الدهون الأخرى نباتية أو حيوانية، إذ لا يسبب أمراضا للدورة الدموية أو الشرايين كغيره من الدهون، كما أنه ملطف للجلد، إذ يجعله ناعما ومرنا. ولزيت الزيتون استعمالات أخرى كثيرة صناعية، إذ يحضر منه بعض الصناعات، ويدخل في تركيب أفضل وأحسن أنواع الصابون، وفي غير ذلك من مختلف الصناعات الغذائية والصناعية.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَشَجَرَةٗ تَخۡرُجُ مِن طُورِ سَيۡنَآءَ تَنۢبُتُ بِٱلدُّهۡنِ وَصِبۡغٖ لِّلۡأٓكِلِينَ} (20)

والمراد بالشجرة فى قوله - تعالى - بعد ذلك : { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ . . } ، شجرة الزيتون . وهى معطوفة على " جنات " من عطف الخاص على العام .

أى : فأنشأنا لكم بسبب هذا لاماء النازل من السماء ، جنات ، وأنشأنا لكم بسببه - أيضاً - شجرة مباركة تخرج من هذا الوادى المقدس الذى كلم الله - تعالى - عليه موسى - عليه السلام - وهو المعروف بطور سيناء . أى : بالجبل المسمى بهذا الاسم فى منطقة سيناء ، ومكانها معروف .

قالوا : وكلمة سيناء - بفتح السين والمد على الراجح - معناها : الحسن باللغة النبطية . أو معناها : الجبل الملىء بالأشجار . وقيل : مأخوذة من السنا بمعنى الارتفاع .

وخصت شجرة الزيتون بالذكر : لأنها من أكثر الأشجار فائدة بزيتها وطعامها وخشبها ، ومن أقل الأشجار - أيضاً - تكلفة لزارعها .

وخص طور سيناء بإنباتها فيه ، مع أنها تنبت منه ومن غيره ، لأنها أكثر ما تكون انتشاراً فى تلك الأماكن ، أو لأن منبتها الأصلى كان فى هذا المكان ، ثم انتقلت منه إلى غيره من الأماكن .

وقوله : { تَنبُتُ بالدهن وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ } بيان لمنافع هذه الشجرة على سبيل المدح ، والتعليل لإفرادها بالذكر .

والدهن : عصارة كل شىء ذى دسم . والمراد به هنا : زيت الزيتون .

وقراءة الجمهور : { تَنبُتُ } - بفتح التاء وضم الباء - على أنه مضارع نبت الثلاثى .

فيكون المعنى : هذه الشجرة من مزاياها أنها تنبت مصحوبة وملتبسة بالدهن الذى يستخرج من زيتونها . فالباء فى قوله { بالدهن } للمصاحبة والملابسة ، كما تقول : خرج فلان بسلاحه ، أى : مصاحباً له .

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : تُنْبِت - بضم التاء وكسر الباء - من أنبت بمعنى نبت . أو : من أنبت التعدى بالهمزة ، كأنبت الله الزرع ، والتقدير : تنبت ثمارها مصحوبة بالدهن .

والصبغ فى الأصل : يطلق على الشىء الذى يصبغ به الثوب .

والمراد به هنا : الإدام لأنه يصبغ الخبز ، ويجعله كأنه مصبوغ به .

أى : أن من فوائد هذه الشجرة المباركة أنها يتخذ منها الزيت الذى ينتفع به ، والإدام الذى يحلو معه أكل الخبز والطعام .

روى الإمام أحمد عن مالك بن ربيعة الساعدى ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة " .