المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب  
{مِنۡ أَجۡلِ ذَٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم بَعۡدَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡأَرۡضِ لَمُسۡرِفُونَ} (32)

32- بسبب ذلك الطغيان وحب الاعتداء في بعض النفوس أوجبنا قتل المعتدي ، لأنه من قتل نفساً بغير ما يوجب القصاص ، أو بغير فساد منها في الأرض ، فكأنه قتل الناس جميعاً ، لأنه هتك حرمة دمائهم ، وجرّأ عليها غيره ، وقتل النفس الواحدة كقتل الجميع في استجلاب غضب الله وعذابه ، ومن أحياها بالقصاص لها ، فكأنما أحيا الناس كلهم ، لصيانته دماء البشر ، فيستحق عليهم عظيم الثواب من ربه . ولقد أرسلنا إليهم رسلنا مؤكدين حكمنا لهم بالأدلة والبراهين ، ثم إن كثيراً من بني إسرائيل بعد ذلك البيان المؤكد أسرفوا في إفسادهم في الأرض{[53]} .


[53]:في هذه الآية الشريفة ما يدل على أن الاعتداء على النفس الواحدة بالقتل اعتداء على المجتمع وهو يبرر كون الدعوة عن حق المجتمع يباشرها عنه النائب العام ووكلاؤه أو أية سلطة تقيمها الدولة لهذه الوظيفة في التشريعات الحديثة، وهذا هو المقابل لحق الله في التشريع الإسلامي، فالتشريع في هذه المسألة له فضل السبق. ومن أحسن إلى فرد بإنقاذ حياته من الهلاك فقد أحسن إلى المجتمع، فالآية بما اشتملت عليه من معنيين تؤكد أن الإسلام يرعى القواعد فغي المجتمع الصالح، وقواعد التعاون بين الأفراد والمجتمعات، وفي هذا كله محافظة على الأمن والسلام والتعاون بين الأفراد والجماعات.