التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{مِنۡ أَجۡلِ ذَٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم بَعۡدَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡأَرۡضِ لَمُسۡرِفُونَ} (32)

{ من أجل ذلك } يتعلق بكتبنا ، وقيل : بالنادمين ، وهو ضعيف .

{ كتبنا على بني إسرائيل } أي : فرضنا عليهم أو كتبناه في كتبهم .

{ بغير نفس } معناه : من غير أن يقتل نفسا يجب عليه القصاص .

{ أو فساد في الأرض } يعني الفساد الذي يجب به القتل كالحرابة .

{ فكأنما قتل الناس جميعا } تمثيل قاتل الواحد بقاتل الجميع يتصور من ثلاث جهات إحداها : القصاص ، فإن القصاص في قاتل الواحد والجميع سواء . الثانية : انتهاك الحرمة والإقدام على العصيان ، والثالثة : الإثم والعذاب الأخروي قال مجاهد : وعد الله قاتل النفس بجهنم والخلود فيها ، والغضب واللعنة والعذاب العظيم ، فلو قتل جميع الناس لم يزد على ذلك ، وهذا الوجه هو الأظهر ، لأن القصد بالآية : تعظيم قتل النفس والتشديد فيه لينزجر الناس عنه ، وكذلك الثواب في إحيائها كثواب إحياء الجميع لتعظيم الأمر والترغيب فيه وإحياؤها هو إنقاذها من الموت كإنقاذ الحريق أو الغريق وشبه ذلك وقيل : بترك قتلها ، وقيل : بالعفو إذا وجب القصاص { ولقد جاءتهم } الضمير لبني إسرائيل ، والمعنى : تقبيح أفعالهم ، وفي ذلك إشارة إلى ما هموا به من قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم .