جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{مِنۡ أَجۡلِ ذَٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم بَعۡدَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡأَرۡضِ لَمُسۡرِفُونَ} (32)

{ من أجل ذلك } أي : بسبب قتله أخاه ظلما { كتبنا على بني إسرائيل } حكمنا وقضينا{[1239]} عليهم { أنه من قتل نفسا بغير نفس } أي : بغير قتل نفس يوجب القصاص { أو فساد{[1240]} في الأرض } أو بغير فساد فيها كالشرك وقطع الطريق { فكأنما قتل الناس جميعا } أي : من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس أو لأنه يقتل قصاصا كما لو قتل الجميع أو كما قتل الناس وزرا أو إثما { ومن أحياها } حرم قتلها وكف عنها أو عفا عن قاتل أو أنجاها عن هلكة { فكأنما أحيا الناس جميعا } حيي الناس منه جميعا وحرم قتل جميع الناس أو في الأجر والثواب والمقصود تعظيم القتل والإحياء في القلوب { ولقد جاءتهم } أي : بني إسرائيل { رُسلنا بالبينات } بالمعجزات الظاهرات على صدقهم { ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك } : إرسال الرسل مع البينات { في الأرض لمُسرفون{[1241]} } : في مثل القتل .


[1239]:فإنهم أول أمة نزل فيهم الوعيد للقتل وغلظ عليهم الأمر بحسب طغيانهم وسفكهم الدماء، ومع ذلك لا يرتدعون حتى قتلوا الأنبياء وهموا بقتل النبي المصطفى صلوات الله عليه وعليهم أجمعين/12 وجيز.
[1240]:وظاهر النظم القرآني أنه ما يصدق عليه أنه فساد في الأرض فالشرك فساد في الأرض، وقطع الطريق فساد في الأرض وسفك الدماء، وهتك الحرم ونهب الأموال فساد في الأرض، والبغي على عباد الله بغير حق فساد في الأرض وهدم البناء وقطع الأشجار وتغوير الأنهار فساد في الأرض فعرفت بهذا أنه يصدق على هذه الأنواع أنها فساد في الأرض وهكذا الفساد الذي يأتي في قوله (ويسعون في الأرض فسادا) يصدق على هذه الأنواع، وسيآتي تمام الكلام على معنى الفساد قريبا/12 فتح.
[1241]:مجاوزون الحد في المعاصي وعدم اتباع الرسل ومنهم في موضع الصفة لكثيرا وبعد ظرف لمسرفون ولما ذكر تغليظ الإثم في القتل والفساد في الأرض أتبعه بيان الفساد في الأرض الذي يوجب القتل، فإن بعض الفساد لا يوجب فقال: (إنما جزاء الذين)/12 وجيز.