النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{مِنۡ أَجۡلِ ذَٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم بَعۡدَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡأَرۡضِ لَمُسۡرِفُونَ} (32)

قوله تعالى : { مِنْ أَجْلِ ذلِكَ } يعني من أجل أن ابن آدم قتل أخاه ظلماً .

{ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ } يعني من قتل نفساً ظلماً بغير نفس قتلت ، فيقتل قصاصاً ، أو فساد في الأرض استحقت به القتل ، الفساد في الأرض يكون بالحرب لله ولرسوله وإخافة السبيل .

{ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } فيه ستة تأويلات :

أحدها : يعني من قتل نبياً أو إمام عدل ، فكأنما قتل الناس جميعاً ، ومن شد على يد نبي أو إمام عدل ، فكأنما أحيا الناس جميعاً{[805]} ، وهذا قول ابن عباس .

والثاني : معناه فكأنما قتل الناس جميعاً عند المقتول ، ومن أحياها فاستنفذها من هلكة ، فكأنما أحيا الناس جميعاً عند المستنفذ ، وهذا قول ابن مسعود .

والثالث : معناه أن قاتل النفس المحرمة يجب عليه من القود والقصاص مثل ما يجب عليه لو قتل الناس جميعاً ، ومن أحياها بالعفو عن القاتل ، أعطاه الله من الأجر مثل ما لو أحيا الناس جميعاً ، وهذا قول ابن زيد وأبيه . والرابع : معناه أن قاتل النفس المحرمة يَصْلَى النار كما يَصْلاها لو قتل الناس جيمعاً ، ومن أحياها ، يعني سلم من قتلها ، [ فكأنما ] سلم من قتل الناس جميعاً ، وهذا قول مجاهد .

والخامس : أن على جميع الناس ( جناية القتل ) كما لو قتلهم جميعاً ، ومن أحياها بإنجائها من غرق أو حرق أو هلكة ، فعليهم شكره كما لو أحياهم جميعاً . والسادس : أن الله تعالى عظم أجرها ووزرها فإحياؤها [ يكون ] بمالك أو عفوك ، وهذا قول الحسن ، وقتادة .


[805]:- سقط من ك.