تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يَرۡحَمَكُمۡۚ وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ وَجَعَلۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ حَصِيرًا} (8)

ثم قال : { عسى ربكم أن يرحمكم } ، فلا يسلط عليكم القتل ، والسبي ، ثم إن الله عز وجل استنقذهم على يدي المقياس ، فردهم إلى بيت المقدس فعمروه ، ورد الله عز وجل إليهم ألفتهم ، وبعث فيهم أنبياء ، ثم قال لهم : { وإن عدتم عدنا } ، يقول : وإن عدتم إلى المعاصي عدنا عليكم بأشد مما أصابكم ، يعنى من القتل والسبي ، فعادوا إلى الكفر ، وقتلوا يحيى بن زكريا ، فسلط الله عليهم ططس بن استاتوس الرومي ، ويقال : اصطفابوس ، فقتل على دم يحيى بن زكريا مائة ألف وثمانين ألفا من اليهود ، فهم الذين قتلوا الرقيب على عيسى الذي كان شبه لهم ، وسبى ذراريهم ، وأخرق التوراة ، وخرب بيت المقدس ، وألقى فيه الجيف ، وذبح فيه الخنازير ، فلم يزل خرابا حتى جاء الإسلام ، فعمره المسلمون ، { وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا } آية ، يعنى محبسا لا يخرجون منها أبدا ، كقوله عز وجل : { للفقراء الذين أحصروا } [ البقرة :273 ] ، يعنى حبسوا في سبيل الله .