التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يَرۡحَمَكُمۡۚ وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ وَجَعَلۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ حَصِيرًا} (8)

قوله تعالى { عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا }

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال : { عسى ربكم أن يرحمكم } ، فعاد الله عليهم بعائدته ورحمته { وإن عدتم عدنا } قال : عاد القوم بشر ما يحضرهم ، فبعث الله عليهم ما شاء أن يبعث من نقمته وعقوبته ثم كان ختام ذلك أن بعث الله عليهم هذا الحي من العرب ، فهم في عذاب منهم إلى يوم القيامة ، قال الله عز وجل في آية أخرى : { وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة . . . } الآية ، فبعث الله عليهم هذا الحي من العرب .

قوله تعالى { وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا }

أخرج الطبري بسنده الجيد عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { حصيرا } سجنا .

وكذا أخرجه بسنده الحسن عن قتادة ، وأخرجه بإسناده الصحيح المتقدم عن قتادة بلفظ : محبسا حصورا ، وأخرجه آدم بن أبي إياس ، والطبري بالإسناد الصحيح عن مجاهد قال : يحصرون فيها .

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة قال : محبسا حصروا فيها .

أخرج عن معمر عن الحسن : حصيرا : فراشا مهادا .

وهو إسناد صحيح أيضا ، وأخرجه الطبري ثم قال : وذلك أن العرب تسمي البساط الصغير حصيرا ، فوجه الحسن معنى الكلام إلى أن الله تعالى جعل جهنم للكافرين به بساطا ومهادا كما قال { لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش } وهو وجه حسن وتأويل صحيح . وأما الآخرون فوجهوه إلى أنه فعيل من الحصر الذي هو الحبس ، وقد بينت ذلك بشواهده في سورة البقرة أ . ه .

قال الشيخ الشنقيطي : وهذا الوجه يدل له قوله تعالى { وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا } .