النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يَرۡحَمَكُمۡۚ وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ وَجَعَلۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَٰفِرِينَ حَصِيرًا} (8)

قوله عز وجل : { عسى ربُّكم أن يرحمكم } يعني مما حل بكم من الانتقام منكم .

{ وإن عدتم عدنا } فيه تأويلان :

أحدهما : إن عدتم إلى الإساءة عدنا إلى الانتقام ، فعادوا . قال ابن عباس وقتادة : فبعث الله عليهم المؤمنين يذلونهم بالجزية والمحاربة إلى يوم القيامة .

الثاني : إن عدتم إلى الطاعة عدنا إلى القبول ، قاله بعض الصالحين .

{ وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً } فيه تأويلان :

أحدهما : يعني فراشاً ومهاداً ، قاله الحسن : مأخوذ من الحصير المفترش . الثاني : حبساً يحبسون فيه ، قاله قتادة ، مأخوذ من الحصر وهو الحبس . والعرب تسمي الملك حصيراً لأنه بالحجاب محصور ، قال لبيد :

ومقامَةِ غُلْبِ الرِّقَابِ كَأَنَّهُمْ ***    جِنٌّ لَدَى بَابِ الحَصِير قِيَامُ