تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَيَبۡلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلصَّيۡدِ تَنَالُهُۥٓ أَيۡدِيكُمۡ وَرِمَاحُكُمۡ لِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (94)

وقوله سبحانه :

( يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد ) ، يعني : ببعض الصيد ، فخص صيد البر خاصة ، ولم يَعمَّ الصيدَ كلَّه ؛ لأن للبحر صيدا ، ( تناله أيديكم ) ، يقول : تأخذون صغار الصيد بأيديكم أخذاً بغير سلاح ، ثم قال سبحانه : ( ورماحكم ) يعني : وسلاحكم النبل والرماح ، بها يصيبون كِبَار الصيد ، وهو عام حُبِس النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن مكة عام الحديبية ، وأقام بالتنعيم ، فصالَحَهم على أن يرجع عامَّة ذلك ، ولا يدخل مكة ، فإذا كان العام المُقبِل ، أَخْلَوا له مكة فدخلها في أصحابه رضي الله عنهم ، وأقام بها ثلاثا ، ورضي النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فنحر البُدُن مائة بَدَنة ، فجاءت السِّباعُ والطيرُ تأكل منها ، فنهى الله عز وجل عن قتل الصيد في الحرم ، ( ليعلم الله ) ، لكي يرى الله ، ( من يخافه بالغيب ) ، يقول : من يخاف الله عز وجل ولم يره ، فلم يتناول الصيد ، وهو مُحرِم ، ( فمن اعتدى بعد ذلك ) ، يقول : فمن أخذ الصيدَ عمداً بعد النهي ، فقتَلَ الصيدَ وهو مُحرِم ، ( فله عذاب أليم ) ، يعني ضربا وجيعا ، ويسلب ثيابه ، ويغرم الجزاء ، وحُكْم ذلك إلى الإمام ، فهذا العذاب الأليم .