تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (69)

ثم طيبها لهم وأحلها ، فقال : { فكلوا مما غنمتم } ببدر ، { حلالا طيبا واتقوا الله } ولا تعصوه ، { إن الله غفور } ذو تجاوز لما أخذتم من الغنيمة قبل حلها ، { رحيم } [ آية :69 ] بكم إذ أحلها لكم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم جعل عمر بن الخطاب ، وخباب بن الأرت ، أولياء القبض يوم بدر ، وقسمها النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، وانطلق بالأسارى فيهم العباس بن عبد المطلب ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وذلك أن العباس بن عبد المطلب يوم أسر أخذ منه عشرين أوقية من ذهب ، فلم تحسب له من الفداء ، وكان فداء كل أسير من المشركين أربعين أوقية من ذهب ، وكان أول من فدى نفسه أبو وديعة ضمرة بن صبيرة السهمي وسهيل بن عمرو ، من عامر بن لؤى ، القرشيان .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أضعفوا الفداء على العباس" ، وكلف أن يفتدى ابني أخيه ، فأدى عنهما ثمانية أوقية من ذهب ، وكان فداء العباس بمثانين أوقية ، وأخذ منه عشرون أوقية ، فأخذ منه يومئذ مائة أوقية وثمانون أوقية ، فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم : لقد تركتني ما حييت أسأل قريشا بكفي ، وقال له صلى الله عليه وسلم "أين الذهب الذي تركته عند امرأتك أم الفضل ؟" فقال العباس : أي الذهب ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنك قلت لها : إني لا أدرى ما يصيبني في وجهي هذا ، فإن حدث بي ما حدث ، فهو لك ولودك" ، فقال : يا ابن أخي ، من أخبرك ؟ قال : "الله أخبرني" ، فقال العباس : أشهد أنك صادق ، وما علمت أنك رسول قط قبل اليوم ، قد علمت أنه لم يطلعك عليه إلا عالم السرائر ، وأشهد ألا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله ، وكفرت بما سواه .