اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (69)

قوله تعالى : { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً } الآية .

روي أنهم أمسكوا أيديهم عمَّا أخذُوا من الفداء ، فنزلت هذه الآية .

فإن قيل : ما معنى " الفاء " في قوله : " فَكُلُوا " ؟ فالجوابُ : التقدير قد أبحت لكم الغنائم فكلوا .

و " مَا " يجُوزُ أن تكون مصدرية ، والمصدرُ واقعٌ موقع المفعول ، ويجوزُ أن تكون بمعنى " الَّذي " وهو في المعنى كالذي قبله ، والعائد على هذا محذوف .

وقوله : " حَلاَلاً " نصبٌ على الحَالِ ، إمَّا من ما الموصولةِ ، أو من عائدها إذَا جعلناها اسمية .

وقيل : هو نعتُ مصدرٍ محذوف ، أي : أكْلاً حلالاً .

وقوله : " واتَّقُوا " قال ابنُ عطية : " وجاء قوله : " واتَّقُوا اللَّهَ " اعتراضاً فصيحاً في أثناء القولِ ؛ لأنَّ قوله : { إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } متصلٌ بقوله : { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ } يعني : أنه متصلٌ به من حيث إنه كالعلة له . والمعنى : واتقوا اللَّهَ ولا تُقْدِمُوا بعد ذلك على المعاصي واعلموا أنَّ اللَّه غفور لما أقدمتم عليه من الزلة " .