تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (69)

وقوله تعالى : ( فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا ) قال بعضهم : ( حلالا طيبا ) واحد ؛ كل حلال طيب ، وكل حرام خبيث . وإنما يطيب إذا حل ، ويخبث إذا حرم . ولكن يحتمل قوله : ( حلالا طيبا ) [ حلالا ][ ساقطة من الأصل وم ] بالشرع طيبا في الطبع ، وكذلك الحرام هو حرام بالشرع ، وخبيث بالطبع . إنما يتكلم بالحل والحرمة من جهة الشرع والطيب والخبيث بالطبع . والطيب هو الذي يتلذذ به ، ولا تبعة فيه ؛ لأن خوف التبعة ينغص عليه ، ويذهب بطيبه ولذته .

وجائز ما ذكر من الطيب ههنا لما أن أهل الشرك كانوا يأخذون الأموال ، ويجمعونها من وجه لا يحل وبأسباب فاسدة ، فيكرهون التناول منها إذا غنموا لتلك الأسباب الفاسدة ، فطيب قلوبهم بقوله : ( طيبا ) .

وفيه دليل جواز التقليب[ في م : التغلب ] في البيع الفاسد وطيب التناول منه ، وإن كان مكتسبا بأسباب فاسدة بعد أن يكون بإذن . فعلى ذلك الأول يحتمل ما ذكرنا .

وفيه دلالة أن أهل الكفر لا يؤاخذون بالأفعال التي كانت في الكفر ولا بما من العبادات لما ليست عليهم ، إنما يؤاخذون بالاعتقاد .

وقوله تعالى : ( واتقوا الله ) في ما أمركم به ، ونهاكم عنه ، فلا تعصوه ( إن الله غفور رحيم ) لمن تاب ، ورجع عما فعل .