ثم طيبها لهم وأحلها لهم ، فقال عز وجل : { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حلالا طَيّباً } . وروى الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : لم تحل الغنيمة لقوم سود الرؤوس قبلكم ، كان تنزل نار من السماء فتأكلها ، حتى كان يوم بدر ، فرفعوا في الغنائم فأحلت لهم فأنزل الله تعالى : { لَّوْلاَ كتاب مّنَ الله سَبَقَ } وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَها أَحَدٌ قَبْلِي ، بُعِثْتُ إلى النَّاسِ كَافَّةً ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، وَأُحِلَّتْ لِي الغَنَائِمُ ، وَجُعِلَتْ لِي الأرض مَسْجِداً وَطَهُوراً ، وَجُعِلَتْ لِي شَفَاعَةٌ لأُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ » . وروى الضحاك في قوله تعالى : { مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أسرى } قال : إنه لما كان يوم بدر ووقعت الهزيمة على المشركين ، أسرع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أخذ أسلاب المشركين ممن قتل منهم ، وأخذ الغنائم وفداء الأسرى وشغلوا أنفسهم بذلك عن القتال ، فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله ، ألا ترى إلى ما يصنع أصحابك ؟ تركوا قتال العدو ، وأقبلوا على أسلابهم . وإني أخاف أن تعطف عليهم خيل من خيل المشركين فنزل : { تُرِيدُونَ عَرَضَ الدنيا } ، يعني أتطلبون الغنائم وتتركون القتال { والله يُرِيدُ الآخرة } ، يعني قهر المشركين وإظهار الإسلام ، { والله عَزِيزٌ حَكُيمٌ *** لَّوْلاَ كتاب مّنَ الله سَبَقَ } ؛ لولا ما سبق في الكتاب ، يعني أن الغنائم تحلّ لهذه الأمة ، لأصابكم { عذاب عظيم } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لَوْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ عَذَابٌ ، مَا نَجَا أَحَدٌ غَيْرُ عُمَرَ لأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ القِتَالَ » . وروى مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { لَّوْلاَ كتاب مّنَ الله سَبَقَ } قال : سبقت من الله الرحمة لهذه الأمة قبل أن يعملوا بالمعصية ؛ وقال الحسن : سبقت المغفرة لأهل بدر . وعن الحسن أنه قال : { لَّوْلاَ كتاب مّنَ الله سَبَقَ } قال في الكتاب السابق من الله تعالى أن لا يعذب قوماً إلا بعد قيام الحجة عليهم . وقال سعيد بن جبير : لَوْلاَ ما سبق لأهل بدر من السعادة ، { لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ } من الفداء { عَذَابٌ عظِيمٌ } ، ويقال : { لَّوْلاَ كتاب مّنَ الله سَبَقَ } أن لا يعذب قوماً ، حتى يبين لهم ما يتقون .
ثم قال { واتقوا الله } فيما أمركم به ولا تعصوه . { إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، أي متجاوز ، يعني ذو تجارة فيما أخذتم من الغنيمة قبل حلها وحين إذ أحلها لكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.