السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (69)

روي : لما نزلت هذه الآية كف رسول الله صلى الله عليه وسلم أيديهم أن يأخذوا من الفداء فنزلت :

{ فكلوا مما غنمتم } أي : من الفداء ، فإنه من جملة الغنائم { حلالاً طيباً } فأحل الله الغنائم بهذه الآية لهذه الأمة وقال صلى الله عليه وسلم : ( أحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ) .

وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( لم تحل الغنائم لأحد قبلنا ، ثم أحل لنا الغنائم ذلك بأنّ الله رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا ) .

فإن قيل : ما معنى الفاء في قوله تعالى : { فكلوا } ؟ أجيب : بأنها سببية والمسبب محذوف تقديره أبحت لكم الغنائم فكلوا ، وبنحوه تشبث من زعم أن الأمر الوارد بعد الحظر للإباحة ، وحلالاً حال من المغنوم أو صفة للمصدر أي : أكلاً حلالاً ، وفائدته إزاحة ما وقع في نفوسهم منه بسبب تلك المعاتبة ، ولذلك وصفه بقوله : { طيباً } . { واتقوا الله } في مخالفته { إنّ الله غفور } غفر ذنوبكم { رحيم } أباح لكم ما أخذتم ، وقوله تعالى : { واتقوا الله } إشارة إلى المستقبل ، وقوله تعالى : { إنّ الله غفور رحيم } إشارة إلى الحالة الماضية .