تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{مَا كَانَ لِلۡمُشۡرِكِينَ أَن يَعۡمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِم بِٱلۡكُفۡرِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ وَفِي ٱلنَّارِ هُمۡ خَٰلِدُونَ} (17)

{ ما كان للمشركين } ، يعنى مشركي مكة ، { أن يعمروا مسجد الله } ، يعنى المسجد الحرام ، { شاهدين على أنفسهم بالكفر } ، نزلت في العباس بن عبد المطلب ، وفي بنى أبي طلحة ، منهم : شيبة بن عثمان صاحب الكعبة ، وذلك أن العباس ، وشيبة ، وغيرهم ، أسروا يوم بدر ، فأقبل عليهم نفر من المهاجرين ، فيهم على بن أبى طالب والأنصار وغيرهم ، فسبوهم وعيروهم بالشرك ، وجعل علي بن أبى طالب يوبخ العباس بقتال النبي صلى الله عليه وسلم وبقطيعته الرحم ، وأغلط له القول ، فقال له العباس : ما لكم تذكرون مساوئنا وتكتمون محاسننا ، قالوا : وهل لكم محاسن ؟ قال : نعم ، لنحن أفضل منكم أجرا ، إنا لنعمر المسجد الحرام ، ونحجب الكعبة ، ونسقى الحجيج ، ونفك العاني ، يعنى الأسير ، فافتخروا على المسلمين بذلك ، فأنزل الله : { ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر } .

{ أولئك حبطت أعمالهم } ، يعنى ما ذكروا من محاسنهم ، يعنى بطلت أعمالهم في الدنيا والآخرة ، يقول : ليس لهم ثواب في الدنيا ولا في الآخرة ، لأنها كانت في غير إيمان ، ولو آمنوا لأصابوا الثواب في الدنيا والآخرة ، كما قال نوح ، وهود ، لقومه : { استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم } بالمطر { مدرارا } [ هود :52 ] يعنى متتابعا ، { ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا } [ نوح :12 ] ، فهذا في الدنيا لو آمنوا ، ثم قال : { وفي النار هم خالدون } [ آية :17 ] لا يموتون .