غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَـٰٓؤُلَآءِ شُفَعَـٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (18)

11

ثم قبح الله أصنامهم معارضة لهم بنقيض مقصودهم من الالتماس فقال { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم } إن لم يعبدوه { ولا ينفعهم } إن عبدوه ومن حق المعبود أن يكون مثيباً معاقباً . وفيه إشعار بأنها جماد ، والمعبود لا بد أن يكون أكمل من العابد ، وإذا كانت المنافع والمضار كلها من الله فلا تليق العبادة إلا له { ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } قد ذكرنا وجه ذلك في أوائل سورة البقرة في قوله : { فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون } [ الآية : 22 ] ثم أنكر عليهم معتقدهم بقوله : { قل أتنبئون الله بما لا يعلم } والمراد أنه لا وجود لكونهم شفعاء إذ لو كان موجوداً لكان معلوماً للعالم بالذات المحيط بجميع المعلومات وهذا مجاز مشهور . تقول : ما علم الله ذلك مني . والمقصود أنه ما وجد منك ذلك قط . وفي قوله : { في السموات ولا في الأرض } تأكيد آخر لنفيه لأن ما لم يوجد فيهما فهو منتفٍ معدوم . قوله : { سبحانه وتعالى عما يشركون } إما أن يكون من تمام ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم ، أو ابتداء كلام من الله تعالى تنزيهاً لنفسه عن إشراكهم أو عن الشركاء الذين يشركونهم به .