غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرٗا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (16)

11

ثم أكد كون هذا القرآن من عند الله سبحانه وأنه غير مستبد في إيراده فقال : { لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم } ولا أعلمكم الله { به } على لساني . ومن قرأ بلام الابتداء . فمعناه ما تلوته أنا عليكم ولأخبركم الله به على لسان غيري ، ولكنه يمنّ على من يشاء من عباده فرآني أهلاً لذلك دون غيري . وقرئ { لا أدرأكم به } بالهمزة . ووجهه أن تكون الهمزة مقلوبة من الألف ، أو يكون من الدرء الدفع . ومعنى ادرأته جعلته دارئاً أي لم أجعلكم بتلاوته خصماً تدرؤنني بالجدال وتكذبونني { فقد لبثت فيكم عمراً } أي بعضاً معتبراً من العمر وهو أربعون سنة { من قبله } أي من قبل نزول القرآن { أفلا تعقلون } فيه قدح في صحة عقولهم لأن ظهور مثل هذا الكتاب العظيم المشتمل على علوم الأوّلين والآخرين المعجز للثقلين عن معارضته على من عرفوا حاله من عدم التعلم والمدارسة ومخالطة العلماء إذا شك فيه أنه من قبيل الوحي والمدد السماوي ، كان ذلك إنكاراً للضروريات وافتراء على الله فلهذا قال { فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً } الآية .