غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (46)

25

{ قال يا نوح إنه ليس من أهلك } أي من أهل دينك أو من أهلك الذين وعدتهم الإنجاء معك . ثم صرح بأن العبرة بقرابة الدين والعمل الصالح لا بقرابة النسب فقال : { إنه عمل غير صالح } من قرأ على لفظ الفعل فمعناه أنه عمل عملاً غير صالح وهو الإشراك والتكذيب ، ومن قرأ على لفظ الاسم فللمبالغة كما يقال : فلان كرم وجود إذا غلب عليه الكرم والجود وفي قوله : { غير صالح } دون أن يقول " فاسد " تعريض بل تصريح بأنه إنما نجا من نجا بالصلاح ، ويحتمل على هذه القراءة أن يعود الضمير في { إنه } إلى سؤال نوح أي إن نداءك هذا المتضمن لسؤال إنجاء ابنك عمل غير صالح . وقيل : المراد أن هذا الابن ولد زنا وقد عرفت سقوطه . ثم نهاه عن مثل هذا السؤال ووبخه عليه بقوله : { فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين } قال المحققون : الظاهر أن ابنه كان منافقاً فلذلك اشتبه أمره على نوح ، وحمله شفقة الأبوة أوّلاً على دعوته إلى ركوب السفينة ، فلما حال بينهما الموج لجأ إلى الله في خلاصه من الغرق ، فعوتب على ذلك لأنه لما وعده الله إنجاءه أهله واستثنى منهم من سبق عليه القول كان عليه أن يتوكل على الله حق توكله ويعلم أن كل من كان من أهله مؤمناً فإنه يخلص من الغرق لا محالة .

/خ49