ولما شبه حال الفريقين بما شبه بين مآل حالهما فقال : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } أي الذي ثبت بالحجة والبرهان وتمكن في قلب صاحبه بحيث لم يكن للتشكيك فيه مجال . هذا في الحياة الدنيا فلا جرم إذا فتنوا في دينهم لم يزالوا كأصحاب الأخدود والذين نشروا بالمناشير ومشطت لحومهم بأمشاط الحديد ، وتثبيتهم في الآخرة أنهم إذا سئلوا في القبول لم يتلعثموا ، وإذا وقفوا بين يدي الجبار لم يبهتوا . عن ابن عباس : من دوام على الشهادة في الحياة الدنيا يثبته الله عليها في قبره ويلقنه إياها . وقد ورد في حديث سؤال القبر عن البراء بن عازب مثل ذلك . والسبب العقلي فيه أن المواظبة على الفعل توجب رسوخ الملكة بحيث لا تزول بتبدل الأحوال وتقلب الأطوار . وإنما فسرت الآخرة ههنا بالقبر لأن الميت ينقطع بالموت عن أحكام الدنيا ويدخل في أحكام الآخرة . فمعنى الآية يثبت الله الذين آمنوا بالله وبما يجب الإيمان به على ما آمنوا به في الدارين ، أو يثبتهم الله فيهما بسبب القول الثابت على القول الثابت . وقيل : معنى الآية يثبتهم الله على الثواب والكرامة سبب القول الثابت الذي كان يصدر عنهم حال ما كانوا في الحياة الدنيا ، وسيصدر عنهم حال ما يكونون في الآخرة . ويرد عليه أن الآخرة ليست دار عمل وإن كان قوله : { في الحياة الدنيا } متعلقاً بقوله : { ويثبت } أي ثبتهم على الثواب في الدارين بسبب القول ، ورد عليه أن الدنيا ليست دار ثواب ، ويمكن أن يناقش في هذا الإيراد لقوله سبحانه : { من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة }
[ النحل : 97 ] { ويضل الله الظالمين } الذين وضعوا الباطل موضع الحق والشرك بدل التوحيد في الدارين ، فلا جرم إذا سئلوا في قبورهم قالوا لا ندري . { ويفعل الله ما يشاء } من التثبيت والإضلال . ولا اعتراض لأحد عليه أو من منح الألطاف ومنعها كما تقتضيه الحكمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.