غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقُل رَّبِّ أَدۡخِلۡنِي مُدۡخَلَ صِدۡقٖ وَأَخۡرِجۡنِي مُخۡرَجَ صِدۡقٖ وَٱجۡعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلۡطَٰنٗا نَّصِيرٗا} (80)

73

قوله :{ مدخل صدق } و { مخرج صدق } مصدران بمعنى الإدخال والإخراج ، والإضافة إلى الصدق لأجل المبالغة نحو " حاتم الجود " أي إدخالاً يستأهل أن يسمى إدخالاً ولا يرى فيه ما يكره . قال الحسن وقتادة : نزلت حين أمر بالهجرة يريد إدخال المدينة والإخراج من مكة ، وقيل : إن اليهود لما قالوا له اذهب إلى الشام فإنه مسكن الأنبياء وعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذهاب إليه فكأنه قيل له المعبود واحد في كل البلاد { وما النصر إلا من عند الله } فداوم على الصلاة وارجع إلى مقرك ومسكنك . { وقل رب أدخلني } في المدينة { مدخل صدق وأخرجني } منها إلى مكة { مخرج صدق } أي افتحها لي فعلى هذين القولين يكون الكلام عوداً إلى الواقعة المذكورة في قوله { وإن كادوا ليستفزونك } والأولى أن يقال إنه عام في كل ما يدخل فيه ويلابسه ثم يتركه من أمر ومكان . وقيل : أراد إدخاله مكة ظاهراً عليها الفتح وإخراجه منها آمناً من المشركين . وقيل : إدخاله الغار وإخراجه منه سالماً . وقيل : إدخاله فيما حمله من عظيم الأمر وهو النبوّة ، وإخراجه منه مؤدياً لما كلفه من غير تفريط . وقيل : أراد رب أدخلني الصلاة وأخرجني منها مع الصدق والإخلاص والقيام بلوازم الحضور ، أو أدخلني في مجاري دلائل التوحيد وأخرجني من الاشتغال بالدليل إلى ضياء معرفة المدلول . وقال صاحب الكشاف : أدخلني القبر إدخالاً مرضياً وأخرجني منه عند البعث ملقى بالكرامة . يدل على هذا التفسير ذكره على أثر ذكر البعث { واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً } حجة ظاهرة تنصرني بها جميع من خالفني أو ملكاً وعزاً ناصراً للإسلام وذويه .

/خ89