غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَتَبَرَّأَ مِنۡهُمۡ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّاۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡ حَسَرَٰتٍ عَلَيۡهِمۡۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ} (167)

165

{ لو أن لنا كرة } تمنّ ولذلك أجيب بالغاء كأنه قيل : ليت لنا كرة رجعة إلى الدنيا وإلى حال التكليف والمتبوعون مفتقرون إلى اتباعنا ونصرتنا حتى نتبرأ منهم بعدم النصرة والإعانة كما فعلوا هم اليوم { كذلك } مثل ذلك الإراء الفظيع { يريهم الله أعمالهم حسرات } هو ثالث مفعول " أرى " أو مثل ذلك التبرؤ يريهم أعمالهم حسرات ، فإن ذلك التبرؤ نوع إراءة . والمراد بالأعمال قيل الطاعات لزمتهم فلم يقوموا بها وضيعوها . عن السدي : وقيل المعاصي وأعمالهم الخبيثة يتحسرون لم عملوها . عن الربيع وابن زيد : وقيل ثواب طاعاتهم التي أتوا بها فأحبطوه بالكفر . عن الأصم : وقيل أعمالهم التي تقربوا بها إلى رؤسائهم من تعظيمهم والانقياد لأمرهم . والحسرة شدة الندم على ما فات حتى بقي النادم كالحسير من الدواب وهو الذي لا منفعة فيه . والتركيب يدور على الكشف ومنه انحسر الطائر انكشف بذهاب ريشه . والحاصل أنهم لا يرون مكان أعمالهم إلا حسرات . فيا أيها المغرور بالسلامة ما أعددت ليوم القيامة ، يوم الحسرة والندامة ، يوم يجعل الولدان شيباً ، يوم يدع المسرور كئيباً . الدنيا دار تجارة فالويل لمن تزود منها الخسارة { وما هم بخارجين من النار } استدل الأشاعرة بالتقديم على التخصيص فقالوا : إن أصحاب الكبيرة من أهل القبلة يخرجون من النار . وزعم المعتزلة أن بناء الكلام على " هم " لتقوي الحكم وإفادة التأكيد كقوله تعالى { وهم يخلقون } [ الأعراف : 19 ] فإنه لا يدل على أن غير الأصنام غير مخلوق والله أعلم حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى .