غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَٰلِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ} (279)

275

{ فإن لم تفعلوا فأذنوا } قيل : خطاب مع الكفار المستحلين للربا . ومعنى قوله : { إن كنتم مؤمنين } معترفين بتحريم الربا { فإن لم تفعلوا } أي فإن لم تكونوا معترفين بتحريمه { فأذنوا } ومن ذهب إلى هذا القول قال : فيه دليل على أن من كفر بشريعة واحدة من شرائع الإسلام فهو خارج عن الملة كما لو كفر بجميع شرائعه ، وعلى هذا يكون مالهم فيئاً للمسلمين .

وقيل : خطاب مع المؤمنين المصرين على معاملة الربا لأنه خطاب مع قوم تقدم ذكرهم وما هم إلا المخاطبون بقوله : { يا أيها الذين آمنوا } ومعنى قوله : { فأذنوا } عند من جعله من الإيذان أعلموا من لم ينته عن الربا بحرب من الله ، فالمفعول محذوف . وإذا أمروا بإعلام غيرهم فهم أيضا قد علموا ذلك ، لكن ليس في علمهم دلالة على إعلام غيرهم . فهذه القراءة في الإبلاغ آكد ممن قرأ { فأذنوا } من أذن بالشيء إذا أعلم به أي كونوا على إذن وعلم . فإن قيل : كيف أمر بالمحاربة مع المسلمين ؟ قلنا : هذه اللفظة قد تطلق على من عصى الله غير مستحل كما جاء في الخبر " من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة " وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من لم يدع المخابرة فليأذن بحرب من الله ورسوله " وقد جعل كثير من المفسرين والفقهاء قوله { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله }[ المائدة : 33 ] أصلاً في قطاع الطريق من المسلمين . فثبت أن ذكر هذا النوع من التهديد مع المسلمين وارد في كتاب الله وسنة رسوله . ثم التفضيل فيه أن المصر على عمل الربا إن كان شخصاً قدر الإمام عليه قبض عليه وأجرى عليه حكم الله من التعزير والحبس إلى أن تظهر منه التوبة ، وإن كان له عسكر وشوكة حاربه الإمام كما يحارب الفئة الباغية ، وكما حارب أبو بكر مانعي الزكاة . وكذا القول لو أجمعوا على ترك الأذان وترك دفن الموتى فإنه يفعل بهم ما ذكرناه { وإن تبتم } من استحلال الربا أو عن معاملة الربا { فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون } الغريم يطلب زيادة على رأس المال { ولا تظلمون } أنتم بنقصان رأس المال .

/خ281