غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (281)

275

ثم إن المعاملين بالربا كانوا أصحاب شرف وجلالة وأعوان وتغلب على الناس ، فاحتاجوا إلى مزيد زجر ووعيد فلا جرم وقع ختم أحكام الربا بقوله { واتقوا يوماً } والمراد اتقاء ما يحدث فيه من الشدائد والأهوال .

واتقاء ذلك لا يمكن إلا باجتناب المعاصي وفعل الأوامر في الدنيا فهذا القول يتضمن الإتيان بجميع التكاليف . وانتصب { يوماً } على أنه مفعول به . والمعنى : تأهبوا بما تسلفون من العمل الصالح للقاء يوم { ترجعون فيه إلى الله } أي إلى ما أعد لكم من ثواب أو عقاب ، وإلى علمه وحفظه وذلك أن الإنسان له أحوال ثلاث على الترتيب : الأولى كونه جنيناً لا يملك تصرفاً فلا تصرف فيه إلا لله ، والثانية خروجه إلى فضاء وهنالك يرى للأبوين لغيرهما تصرف فيه ظاهر . الثالثة ما بعد الموت وهنالك لا يكون التصرف فيه ظاهراً وفي الحقيقة إلا لله تعالى فكأنه عاد إلى الحالة الأولى . وهذا معنى الرجوع إلى الله { ثم توفى كل نفس ما كسبت } أي جزاء ذلك أو المكتسب هو الجزاء كما يقال : كسب الرجل لما يحصله بتجارته . والمراد أن كل مكلف فإنه يصل إليه جزاء عمله بالتمام عند الرجوع إلى الله تعالى كقوله :{ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره }[ الزلزلة : 7 ، 8 ] ثم كان لقائل أن يقول : كيف يليق بأكرم الأكرمين إيصال العذاب إلى عبيده الكفار والفساق فقال { وهم لا يظلمون } بل العبد هو الذي أوقع نفسه في تلك الورطة لأن الله تعالى مكنه وأزاح عذره وسهل طريق الاستدلال عليه وأمهل . هذا على أصول المعتزلة . وأما على أصول الأصحاب فهو إشارة إلى أنه تعالى ملك الملوك وخالق الخلائق ، والملك إذا تصرف في ملكه كيف شاء وأراد لم يكن ظلماً . عن ابن عباس أنها آخر آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بها جبريل وقال : ضعها على رأس المائتين والثمانين من البقرة ، وعاش صلى الله عليه وسلم بعدها أحداً وثمانين يوماً ، وقيل أحداً وعشرين ، وقيل سبعة أيام ، وقيل ثلاث ساعات ، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال .

/خ281