ثم إن المعاملين بالربا كانوا أصحاب شرف وجلالة وأعوان وتغلب على الناس ، فاحتاجوا إلى مزيد زجر ووعيد فلا جرم وقع ختم أحكام الربا بقوله { واتقوا يوماً } والمراد اتقاء ما يحدث فيه من الشدائد والأهوال .
واتقاء ذلك لا يمكن إلا باجتناب المعاصي وفعل الأوامر في الدنيا فهذا القول يتضمن الإتيان بجميع التكاليف . وانتصب { يوماً } على أنه مفعول به . والمعنى : تأهبوا بما تسلفون من العمل الصالح للقاء يوم { ترجعون فيه إلى الله } أي إلى ما أعد لكم من ثواب أو عقاب ، وإلى علمه وحفظه وذلك أن الإنسان له أحوال ثلاث على الترتيب : الأولى كونه جنيناً لا يملك تصرفاً فلا تصرف فيه إلا لله ، والثانية خروجه إلى فضاء وهنالك يرى للأبوين لغيرهما تصرف فيه ظاهر . الثالثة ما بعد الموت وهنالك لا يكون التصرف فيه ظاهراً وفي الحقيقة إلا لله تعالى فكأنه عاد إلى الحالة الأولى . وهذا معنى الرجوع إلى الله { ثم توفى كل نفس ما كسبت } أي جزاء ذلك أو المكتسب هو الجزاء كما يقال : كسب الرجل لما يحصله بتجارته . والمراد أن كل مكلف فإنه يصل إليه جزاء عمله بالتمام عند الرجوع إلى الله تعالى كقوله :{ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره }[ الزلزلة : 7 ، 8 ] ثم كان لقائل أن يقول : كيف يليق بأكرم الأكرمين إيصال العذاب إلى عبيده الكفار والفساق فقال { وهم لا يظلمون } بل العبد هو الذي أوقع نفسه في تلك الورطة لأن الله تعالى مكنه وأزاح عذره وسهل طريق الاستدلال عليه وأمهل . هذا على أصول المعتزلة . وأما على أصول الأصحاب فهو إشارة إلى أنه تعالى ملك الملوك وخالق الخلائق ، والملك إذا تصرف في ملكه كيف شاء وأراد لم يكن ظلماً . عن ابن عباس أنها آخر آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بها جبريل وقال : ضعها على رأس المائتين والثمانين من البقرة ، وعاش صلى الله عليه وسلم بعدها أحداً وثمانين يوماً ، وقيل أحداً وعشرين ، وقيل سبعة أيام ، وقيل ثلاث ساعات ، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.