ثم لما أمر موسى بالعبادة عامة وبالصلاة التي هي أفضلها خاصة علل ذلك بقوله { إن الساعة آتية } .
سؤال : " كاد " نفيه إثبات وإثباته نفي . فقوله { أكاد أخفيها } يكون معناه لا أخفيها وهو باطل لقوله { إن الله عنده علم الساعة } [ لقمان : 34 ] ولأن قوله . { لتجزى كل نفس } إنما يليق بالإخفاء لا بالإظهار إذ لو كان المكلف عارفاً وقت القيامة وكذا وقت الموت اشتغل بالمعاصي إلى قريب من ذلك الوقت ثم تاب فيكون إغراء على المعصية . والجواب لا نسلم أن " كاد " إثباته نفي وإنما هو للمقاربة فقط . والباقي موكول إلى القرينة . ولئن سلم فالمراد بعدم الإخفاء إخباره بأنها آتية وإن كان وقتها غير معين كأنه قال : أكاد لا أقول هي آتية لفط إرادة الإخفاء ولولا ما في الإخبار بإتيانها مع تعمية وقتها من اللطف لما أخبرت به . وبالغ بعض المفسرين في هذا المعنى فقال : أراد أكاد أخفيها من نفسي أي لو صح إخفاؤها من نفسي لأخفيتها مني وأكدوا ذلك بأنهم وجدوه في مصحف أبيّ كذلك . فقال قطرب : هذا على عادة العرب في المخاطبة إذا بالغوا في كتمان الشيء قالوا : كتمته من نفسي . وقيل : " كاد " من الله واجب وأراد أنا أخفيها من الخلق كقوله { عسى أن يكون قريباً } [ الإسراء : 51 ] أي هو قريب قاله الحسن . وعن أبي مسلم أن " أكاد " بمعنى أريد كقوله
{ كذلك كدنا ليوسف } [ يوسف : 21 ] ومنه قولهم " لا أفعل ذلك ولا أكاد " أي لا أريد أن أفعله . وقيل : أكاد صلة والمعنى أن الساعة آتية أخفيها . وقال أبو الفتح الموصلي : الهمزة للإزالة أي أكاد أظهرها معناه قرب إظهارها كقوله اقتربت الساعة } [ القمر : 1 ] ومثله ما روي عن أبي الدرداء وسعيد بن جبير أخفيها بفتح الهمزة من خفاه إذا أظهره . وقوله { لتجزى } متعلق { بأخفيها } كما قلنا أو ب { آتية } ، فلولا القيامة لم يتميز المطيع من العاصي والمحسن من المسيء وذلك خلاف قضية العدالة والحكمة . واحتجاج المعتزلة بالآية ظاهر لأنه قال { بما تسعى } أي بسعيها . فلو لم يكن أعمال العباد بسعيهم لم يصح هذا الإسناد ، ولو لم يكن الثواب مستحقاً على العمل لم يكن لباء السببية معنى والجواب أن اعتبارها الوسط لا ينافي انتهاء الكل إلى الله ، واستناد الجزاء إلى عنايته الأزلية التي لا علة لها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.