غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَا وَهِيَ ظَالِمَةٞ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئۡرٖ مُّعَطَّلَةٖ وَقَصۡرٖ مَّشِيدٍ} (45)

42

قوله { وهي ظالمة فهي خاوية } الأولى في محل النصب على أنها حال ، والثانية لا محل لها لأنها معطوفة على { أهلكناها } وهذه ليس لها محل . قال أبو مسلم : اراد هي كانت ظالمة فهي الآن خاوية على عروشها وقد مر تفسيرها في البقرة في قوله

{ أو كالذي مر على قرية وهي خاوية } [ الآية : 259 ] قوله { وبئر معطلة } عطف على { قرية } أي وكم بئر عطلناها عن سقائها مع أنها عامرة فيها الماء ومعها آلات الاستقاء ، وكم قصر مشيد مجصص أو مرتفع أخليناه عن ساكنيه ؟ فحذف هذه الجملة لدلالة معطلة عليها . وقد يغلب على الظن من هاتين القرينتين أن " على " في قوله { على عروشها } بمعنى " مع " كأنه قيل : هي خاوية أي ساقطة أو خالية مع بقاء عروشها قاله في الكشاف .

وأقول : إذا كانت القرى المهلكة غير البئر والقصر فهذا الظن مرجوح أو مساوٍ لا غالب . يروى أنها بئر نزل عليها صالح مع أربعة آلاف نفر ممن آمن به ونجاهم وسميت بلدة عند البئر اسمها حاضوراء بناها قوم صالح وأقاموا بها زماناً ثم كفروا وعبدوا صنماً وأرسل الله إليهم حنظلة بن صفوان نبياً فقتلوه فأهلكهم الله وعطل بئرهم وخرب قصورهم . يحكى أن الإمام أبا القاسم الأنصاري قال : هذا عجيب لأني زرت قبر صالح بالشام ببلدة يقال لها عكة فكيف قيل : إنه بحضرموت ؟ قلت : لا غرو أن يتفق الموت بأرض والدفن بأرض أخرى .

/خ64