الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{فَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَا وَهِيَ ظَالِمَةٞ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئۡرٖ مُّعَطَّلَةٖ وَقَصۡرٖ مَّشِيدٍ} (45)

{ فَكَأَيِّن } وكم { مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ } يعني وأهلها ظالمون ، فنسب الظلم إليها لقرب الجوار .

{ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا } ساقطة على سقوفها { وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ } متروكة مخلاّة عن أهلها { وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } قال قتادة والضحّاك ومقاتل : رفيع طويل ، ومنه قول عدي :

شاده مرمراً وجلّله كلساً *** فللطّير في ذراه وكور

أي رفعه .

وقال سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة : مجصّص ، من الشيد وهو الجصّ ، قال الراجز :كحبّة الماء بين الطىّ والشيد

وقال امرؤ القيس :

وتيماء لم يترك بها جذع نخلة *** ولا أجماً إلاّ مشيداً بجندل

أي مبنيّاً بالشيد والجندل .

وروى أبو روق عن الضحاك أنّ هذه البئر كانت بحضرموت في بلدة يقال لها حاصورا وذلك أنَّ أربعة آلاف نفر ممّن آمن بصالح ونجوا من العذاب أتوا حضرموت ومعهم صالح ، فلمّا حضروه مات صالح ، فسمّي حضرموت لأن صالحاً لمّا حضره مات ، فبنوا حاصورا وقعدوا على هذه البئر وأمّروا عليهم رجلاً يقال له بلهنس بن جلاس بن سويد ، وجعلوا وزيره سنحاريب بن سواده ، فأقاموا دهراً وتناسلوا حتى نموا وكثروا ، ثم أنَّهم عبدوا الأصنام فكفروا فأرسل الله إليهم نبيّاً يقال له حنظلة بن صفوان كان حمالاً فيهم فقتلوه في السوق ، فأهلكهم الله وعطّلت بئرهم وخرّبت قصورهم .