ثم قال تعالى : { فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة }[ 43 ] أي : وكثير من القرى أهلكنا أهلها وهم{[47039]} ظالمون . فعبر عن إهلاك القرية وهو يريد أهلها ، مثل { واسأل القرية }{[47040]} .
فالمعنى : فما أهلكنا كثيرا من أهل القرى بظلمهم ، كذلك نهلك أهل قريتك يا محمد بظلمهم إذا جاء الأجل . كل هذا تخويف وزجر لقريش/ و( كأين ) هي كاف التشبيه دخلت على ( أي ) فصارت بمنزلة ( كم ) في الخبر ، هذا مذهب{[47041]} الخليل وسيبويه{[47042]} ، والوقف على قولهما على الياء ، لأنه تنوين دخل على ( أي ) . فأما قراءة ابن كثير{[47043]} ( وكَائِنْ ) يروى عن الخليل أنه قال : من قال كإن فإنه قدم الياء الساكنة قبل الهمزة ثم خلفها بألف ، كما قالوا ، إن أصل آية : إيَّه ، ثم أبدلوا من الياء الساكنة ألفا ، ثم اعتلت الياء الثانية ، لأنها بعد متحرك وهو الهمز{[47044]} فصارت كياء قاض ورام .
وقال ابن كيسان : هي أي : دخلت عليها الكاف وكثر استعمالها في الكلام حتى صار{[47045]} التنوين فيه{[47046]} بمنزلة النون الأصلية ، فقالوا : كأين بنون في الوقف .
قال{[47047]} : وفيها لغة أخرى ، يقولون : كا إن ، كفاعل من كنت ، قال : وأصلها في المعنى كالعدد{[47048]} ، كأنه قال كشيء من العدد{[47049]} لأن ( أيا ) شيء من الأشياء ، فكأنه قال : كعدد كثير فعلنا ذلك بهم ، فخرجت في الإبهام إلى باب ( كم ) وأكثر ما جاءت ( كأي ) مفسرة ب( من ) نحو : كأين من رجل رأيت فإن{[47050]} حذفت ( من ) نصبت ، فقلت كأي رجلا ، كما تقول : عندي كذا وكذا درهما فتنصب ، وتقول : عندي كذا وكذا{[47051]} من رهم . وتقول : كم لك من درهم ، وكم لك درهما ، ولو خفضت فقلت كأين رجل جاز ، كما تقول : كم رجل جاءك في الخبر . فتقدير النصب في ذلك أن تجعله بمنزلة عدد فيه نون أو تنوين . وتقدير الخفض أن تجعله بمنزل{[47052]} عدد يضاف إلى ما بعده .
ثم قال تعالى : { فهي خاوية على عروشها }[ 43 ] .
أي : فالقرية خالية من سكانها فخربت وتداعت ، فتساقطت حيطانها على سقوفها فصارت القرية عاليه سافلها السقوف تحت الحيطان .
ثم قال : { وبير معطلة }[ 43 ] .
أي : تعطلت البير بهلاك أهلها ولا وارد ولا شارب منها ، وخفض ( البير ) على العطف على العروش ، وإن كان غير داخل في معنى العروش ، لكنه مثل : { وحور عين }{[47053]} بالخفض كأنه أراد وثم بير وقصر ، فلما لم يكن في الكلام ما يرفعه ، عطفه على ما قبله ، هذا مذهب الفراء{[47054]} .
وقال أبو إسحاق{[47055]} هو عطف على ( قرية ) . أي : وكم من قرية وكم من بير ومن قصر .
و( البير ) مشتق من بأرت الأرض ، إذا حفرتها ، وابتأرتها ، احتفرتها{[47056]} .
أي : مجصص ، قاله عكرمة{[47057]} .
وقال الضحاك{[47058]} : ( مشيد ) طويل .
وقال أهل اللغة ، شاد القصر يشيده ، إذا بناه بالشيد وهو الجص{[47059]} . ومشيد : مفعل بمعنى مفعول ، كمبيع بمعنى مبيوع . يقال{[47060]} قد شيد القصر : إذا طوله وأشاده أيضا .
وقال قتادة{[47061]} : ( مشيد ) : رفيع طويل{[47062]} .
وعن ابن عباس{[47063]} : أن المشيد ، الحصين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.