غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّـٰجِدِينَ} (219)

176

ثم عدد مواجب الرحمة وهي رؤيته قيامه وتقلبه في الساجدين أي في المصلين . وللمفسرين فيه وجوه منها : ما روي أنه حين نسخ فرض التهجد طاف تلك الليلة ببيوت أصحابه حرصاً عليهم وعلى ما يوجد منهم من فعل الطاعات فوجدها كبيوت الزنانير ذكراً وتلاوة . فالمراد بتقلبه في الساجدين تفصح أحوال المتهجدين من أصحابه ليطلع عليهم كيف يعملون لآخرتهم . ومنها أن المراد تصرفه فما بين المؤمنين به بالقيام والركوع والسجود والقعود . ويروى عن مقاتل أنه استدل به على وجود فضل صلاة الجماعة في القرآن . ومنها أنه إشارة إلى ما جاء في الحديث " أتموا الركوع والسجود فوالله إني لأراكم من خلف ظهري " فالتقلب تقلب بصره فيمن يصلي خلفه . وقيل : أراد أنه لا يخفى علينا كلما قمت وتقلبت مع الساجدين في كفاية أمور الدين . وقد احتج بالآية علماء الشيعة على مذهبهم أن آباء النبي صلى الله عليه وسلم لا يكونون كفاراً . قالوا : أراد تقلب روحه من ساجد إلى ساجد كما في الحديث المعتمد عليه عندهم " لم أزل أنتقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات " وناقشهم أهل السنة في التأويل المذكور وفي صحة الحديث . والأصوب عندي أن لا نشتغل بمنع أمثال هذه الدعوى ونسرح إلى بقعة الإمكان على أنه لا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول .

/خ227