فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّـٰجِدِينَ} (219)

{ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ } المصلين ، أي ويراك إن صليت في الجماعة راكعا وقائما وساجدا ، كذا قال أكثر المفسرين وعن مقاتل أنه سأل أبا حنيفة رحمهما الله هل تجد الصلاة بالجماعة في القرآن قال لا يحضرني فتلا له هذه الآية ، وقيل : يراك في أصلاب الرجال الموحدين من نبي إلى نبي من لدن آدم وحواء إلى عبد الله وآمنة ، حتى أخرجك في هذه الأمة ؛ فجميع أصوله رجالا ونساء مؤمنون .

وأورد على هذا آزر أبو إبراهيم فإنه كافر بمقتضى الآيات وأجاب بعضهم بأنه كان عم إبراهيم لا أباه ، وفيه ضعف بين . وأجاب بعضهم أن قولهم أصول محمد صلى الله عليه وسلم لم يدخلهم الشرك ، محله ما دام النور المحمدي في الذكر وفي الأنثى ، فإذا انتقل منه لمن بعده أمكن أن يعبد غير الله ، وآزر ما عبد الأصنام إلا بعد انتقال النور منه لإبراهيم ، وأما قبل انتقاله فلم يعبد غير الله ، قاله الحفناوي .

وقيل ، المراد ب ( تقوم ) قيامه إلى التهجد ، وبالتقلب تردده في تفحص أحوال المجتهدين في العبادة وتقلب بصره فيهم ؛ كذا قال مجاهد .

قال ابن عباس : تقلبك أي قيامك وركوعك وسجودك ، وعنه قال يراك وأنت مع الساجدين تقوم وتقعد معهم ، وعنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرى من خلفه كما يرى من بين يديه ، ومنه الحديث في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل ترون قبلتي ههنا فوالله ما يخفى على خشوعكم ولا ركوعكم ، وإني لأراكم من وراء ظهري .