فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسۡتَوَىٰٓ ءَاتَيۡنَٰهُ حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (14)

قوله : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } قد تقدّم الكلام في بلوغ الأشدّ في الأنعام ، وقد قال ربيعة ومالك : هو الحلم لقوله تعالى : { حتى إِذَا بَلَغُواْ النّكَاحَ فَإِنْ ءَانَسْتُمْ مّنْهُمْ رُشْداً } [ النساء : 6 ] الآية ، وأقصاه أربع وثلاثون سنة كما قال مجاهد وسفيان الثوري وغيرهما . وقيل : الأشدّ ما بين الثمانية عشر إلى الثلاثين ، والاستواء : من الثلاثين إلى الأربعين ، وقيل : الاستواء هو بلوغ الأربعين ، وقيل : الاستواء : إشارة إلى كمال الخلقة ، وقيل : هو بمعنى واحد ، وهو ضعيف ؛ لأن العطف يشعر بالمغايرة { آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } الحكم : الحكمة على العموم ، وقيل : النبوّة . وقيل : الفقه في الدين . والعلم : الفهم ، قاله السديّ . وقال مجاهد : الفقه . وقال ابن إسحاق : العلم بدينه ودين آبائه ، وقيل : كان هذا قبل النبوّة ، وقد تقدّم بيان معنى ذلك في البقرة { وَكَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين } أي مثل ذلك الجزاء الذي جزينا أمّ موسى لما استسلمت لأمر الله وألقت ولدها في البحر ، وصدّقت بوعد الله نجزي المحسنين على إحسانهم ، والمراد العموم .

/24