غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَدَخَلَ ٱلۡمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفۡلَةٖ مِّنۡ أَهۡلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيۡنِ يَقۡتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِۦ وَهَٰذَا مِنۡ عَدُوِّهِۦۖ فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيۡهِۖ قَالَ هَٰذَا مِنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّهُۥ عَدُوّٞ مُّضِلّٞ مُّبِينٞ} (15)

1

16

أما المدينة فالجمهور على أنها القرية التي كان يسكنها فرعون عن فرسخين من مصر . وقال الضحاك : هي عين شمس . وقيل : هي مصر . وحين غفلتهم بين العشاءين أو وقت القائلة أو يوم عيد اشتغلوا فيه باللهو . وقيل : أراد غفلتهم عن ذكر موسى وأمره ، وذلك أنه حين ضرب رأس فرعون بالعصا ونتف لحيته في الصغر أمر فرعون بقتله فجيء بجمر فأخذه في فيه فقال فرعون لا أقتله ولكن أخرجوه عن الدار والبلد فخرج ولم يدخل عليهم حتى كبر والقوم نسوا ذكره . قاله السدي . وقيل : إن الغفلة لموسى من أهلها وذلك أنه لما بلغ أشده وآتاه الله الرشد علم أن فرعون وقومه على الباطل فكان يتكلم بالحق ويعيب دينهم وينكر عليهم ، فأخافوه فلا يدخل قرية إلا على تغفل وتستر . قال الزجاج : قوله { هذا } { وهذا } وهما غائبان على جهة الحكاية أي وجد فيها رجلين يقتتلان إذا نظر الناظر إليهما قال : هذا من شيعته وهذا من عدوه . عن مقاتل : أن الرجلين كان كافرين إلا أن أحدهما من بني إسرائيل والآخر من القبط . واحتج عليه بأن موسى قال له { إنك لغويّ مبين } والمشهور أن الذي من شيعته كان مسلماً كأنه قال ممن شايعه على دينه . وإنما وصفه بالغي لأنه كان سبب قتل رجل وهو يقاتل آخر على أن بني إسرائيل فيهم غلظة الطباع فيمكن أن ينسبوا إلى الغواية بذلك الاعتبار ، ألا ترى أنهم قالوا بعد مشاهدة الآيات : اجعل لنا إلهاً . يروى أن القبطي أراد أن يتسخر الإسرائيلي في حمل الحطب إلى مطبخ فرعون . وقيل : إن الإسرائيلي هو السامري { فاستغاثه } سأله أن يخلصه منه { فوكزه } أي دفعه بأطراف الأصابع أو بجمع الكف { فقضى عليه } أي أماته وقتله . الطاعنون في عصمة الأنبياء قالوا : إن كان القبطي مستحق القتل فلم قال { هذا من عمل الشيطان } وقال { رب إني ظلمت نفسي } وإن لم يكن مستحق القتل كان قتله معصية وذنباً ؟.

/خ21