فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسۡتَوَىٰٓ ءَاتَيۡنَٰهُ حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (14)

{ ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين14 }

ولما اكتملت لموسى قواه البدنية والعقلية أعطيناه الحكمة العملية والحكمة النظرية ، والله الولي الحميد يجزي من أحسن في عبادته وصبر على بليته الجزاء الأوفى .

عن ابن عباس : الأشد : ما بين الثمانية عشر إلى ثلاثين ، والاستواء من الثلاثين إلى الأربعين .

وعن مجاهد : { آتيناه حكما وعلما } قال : الفقه والعمل قبل النبوة .

ونقل : آتيناه سيرة الحكماء والعلماء قبل البعث فكان لا يفعل فعلا يستجهل به .

أورد صاحب غرائب القرآن : . . . عن الكشاف { وكذلك نجزي المحسنين } فيه تنبيه على أنه كان محسنا في عمله ، متقيا في عنفوان أمره ، وأن الله آتاه الحكم والعلم جزاء على إحسانه ، واعترض عليه : بأن النبوة غير مكتسبة ، والحق أن الكل بفضل الله ورحمته ، ولكن للوسائط والمعدات مدخل عظيم في كل ما يصل إلى الإنسان من الفيوض والآثار ، فالأنوار السابقة تصير سببا للأضواء اللاحقة ، وهلم جرا ، عن الحسن : من أحسن عبادة ربه في شبيبته آتاه الله الحكمة في كهالته . اه

أقول : والقرآن يشهد أن النقاء والصفاء يهيآن للمزيد من فيض السماء ، وصدق المولى العلي الحكيم : ) . . الله أعلم حيث يجعل رسالته . . ( {[3009]} ) . . فأما الذين آمنوا فزادهم إيمانا . . ( {[3010]} )ويزيد الله الذين اهتدوا هدى . . ( {[3011]}( . . وما يذكر إلا أولوا الألباب( {[3012]} .

وجاء في جامع البيان : وقوله : { وكذلك نجزي المحسنين } يقول تعالى ذكره : وكما جزينا موسى على طاعته إيانا وإحسانه بصبره على أمرنا ، كذلك نجزي كل من أحسن من رسلنا وعبادنا فصبر على أمرنا ، وأطاعنا ، وانتهى عما نهيناه عنه . اه


[3009]:سورة الأنعام. من الآية 124.
[3010]:سورة التوبة. من الآية 124.
[3011]:سورة مريم. من الآية 76.
[3012]:سورة البقرة. من الآية 269.