غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَكَيۡفَ تَكۡفُرُونَ وَأَنتُمۡ تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمۡ رَسُولُهُۥۗ وَمَن يَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (101)

92

{ وكيف تكفرون } استفهام بطريق الإنكار والعجب . والمعنى من أين يتطرق إليكم الكفر والحال أن آيات الله تتلى عليكم على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم في كل واقعة وبين أظهركم رسول الله يبين لكم كل شبهة ويزيح عنكم لكم علة ؟ ومع هذين النورين لا يبقى لظلمة الضلال عين ولا أثر ، فعليكم أن لا تلتفتوا إلى قوم المخالف وترجعوا فيما يعنّ لكم إلى الكتاب والنبي صلى الله عليه وسلم . قلت : أما الكتاب فإنه باق على وجه الدهر ، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان قد مضى إلى رحمة الله في الظاهر ، ولكن نور سره باق بين المؤمنين ، فكأنه باقٍ على أن عترته صلى الله عليه وسلم وورثته يقومون مقامه بحسب الظاهر أيضاً . ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " إني تارك فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي " وقال : " إن العلماء ورثة الأنبياء " اللَّهم اجعلنا من زمرتهم بعصمتك وهدايتك . وفي هذا بشارة لهذه الأمة أنهم لا يضلون أبداً إلى يوم القيامة . ثم بين أن الكل بعصمة الله وتوفيقه فقال : { ومن يعتصم بالله } يتمسك بدينه أو يلتجئ إليه في دفع شرور الكفار { فقد هدي إلى صراط مستقيم } والاعتصام الاستمساك بالشيء في منع نفسه من الوقوع في صافة . أما المعتزلة فحيث لم يجعلوا الاعتصام بخلق الله وهدايته بل قالوا : إنه بفعل العبد ، تأوّلوا الآية بأن المراد بالهداية الزيادة في الألطاف المرتبة على أداء الطاعات ، أو المراد الهداية إلى الجنة . قال في الكشاف : { فقد هدي } أي فقد حصل له الهداية لا محالة كما تقول : إذا جئت فلاناً فقد أفلحت كأن الهدى قد حصل له ، فهو يخبر عنه حاصلاً . ومعنى التوقع في " قد " ظاهر لأن المعتصم بالله . متوقع للهدى ، كما أن قاصد الكريم متوقع للفلاح عنده .

/خ101