غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَأُوْلَـٰٓئِكَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعۡفُوَ عَنۡهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوًّا غَفُورٗا} (99)

92

{ فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم } بكلمة الإطماع تنبيهاً على أن ترك الهجرة أمر مضيق لا توسعة فيه حتى إن المضطر من حقه أن يعفو الله عنه بل يكون من العفو على ظن وحسبان لا على جزم وإيقان ، فربما ظن الإنسان بنفسه أنه عاجز ولا يكون في الواقع كذلك لأنّ الفطام عن المألوف شديد والفراق عن الأوطان شاق ، فلعل حب الوطن يحمله على تأويل غير سديد . ومع قيام هذا الاحتمال أنى يحصل الجزم بالعفو هذا من جانب العبد . وأما من الرب فعسى إطماع وإطماع الكريم إيجاب . فالجزم بالعفو حاصل إلا أنّه يرد على لفظ العفو أنه لا يتقرر إلاّ مع الذنب ولا ذنب مع العجز وجوابه أيضاً يخرج مما قلنا : { وكان الله عفواً غفوراً } قال الزجاج : أي كان في الأزل موصوفاً بهذه الصفة ، أو أنه مع جميع العباد بهذه الصفة أي أنه عادة أجراها في حق غيره . وأيضاً لو قال إنه عفو غفور كان إخباراً عن كونه كذلك وحيث قال كان دل على أنه إخبار وقع مخبره على وفقه فكان أدل على كونه حقاً وصدقاً . قالت الأشاعرة : أخبر عن العفو والمغفرة مطلقاً غير مقيد بحال التوبة فدل على أن العفو مرجو من غير التوبة .

/خ101